كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

العشوائية المستمدة من البيئة، أو من خلال عملية التربية والبرامج الدراسية. وتعتبر مناطق الربط الجدارية - الصدغية - القذالية والتي توجد غالبا في نصف المخ السائد هي المختصة بعملية تعلم اللغات عبر حواس السمع والبصر، ثم تنتقل هذه المعلومات المكتسبة من الألفاظ وسائر العلاقات المرئية من خلال التلفيف الزاوي والحزمة المقوسة التي تقع تحته إلى منطقة بروكا في الفص الجبهي، والتي تقوم بتكوين الكلمات المنطوقة، كما وتنتقل الاستجابة النطقية عن طريق الحزم المقوسة من منطقة فيرنيكي الواقعة في أعلى التلفيف الصدغي والمسئولة عن فهم المعلومات السمعية والمرئية إلى منطقة بروكا أيضا الواقعة أمام الجزء الأسفل من القشرة الحركية، والتي تتحكم في الأعضاء المتعلقة بالنطق - كما أشرنا آنفا - . وهكذا ترون أيها الأخوة الأكارم أن جميع المعلومات المكتسبة والمفهومة بالتعلم بواسطة الحواس كالسمع والبصر والشم والتحسس بالجلد إلى مركز التحكم النهائي في الفص الجبهي لاستخدامها بالنطق في الألفاظ المناسبة. وعلى هذا الأساس فالسلوك الإنساني ليس كالسلوك الحيواني توجهه الغرائز فقط، وإنما تسيطر عليه وتوجهه المعلومات المكتسبة من البيئة والمحيط، لذلك فالسلوك الإنساني قابل للتطوير والتغيير، ويمتلك الإنسان المقدرة على إحداث هذا التغيير في سلوكه بناء على خصوصيته في اختيار معلوماته واكتساب خبراته، فإن هو اختار بيئة فيها كلام حسن وعمل طيب وتصرف موزون سيكون كل ذلك معكوسا في تصرفاته وسلوكه واختياراته، وإن هو اختار العكس فستكون تصرفاته وفقا لما اختاره هو من مجتمع وبيئة.
كل هذه الحقائق العلمية التي توصل إليها علماؤنا اليوم بالمراقبة والفحص ثبتها القرآن الكريم والسنة المطهرة في آيات وأحاديث أكثر من أن تحصى، لنستمع:
1. في مسألة أن الأشياء المسموعة والمبصرة والمدركة بالعقل تصب كلها في محل التحكم واتخاذ القرار عند البشر وبالتالي تنبني عليه مسئولية الفعل، وهو معنى قوله تعالى: ولا تَقْفُ ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ والْبَصَرَ والْفُؤادَ كُلُّ أُولئِكَ كانَ عَنْهُ مَسْؤُلًا (36)، (الإسراء: 36).
2. في مسألة أن للإنسان المقدرة على التحكم في تغيير نفسه: ... إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما

الصفحة 25