كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

الجود لا يفقر وأن الإقدام لا يقتل إذ الأمر كله للّه. فما أصاب من مصيبة في الأرض أيا كان نوعها إلا كانت في كتاب من قبل أن يخلقها اللّه تعالى وتظهر للعيان، فالدنيا رواية تظهر على الخيالة. فالمؤمن عند المصيبة يصبر ومع الغنيمة يشكر، والفرح والحزن المنهي عنهما في الآية هما اللذان يتعدى فيهما إلى الحد الذي يؤدي إلى عكس المطلوب من التصرف والسلوك البشري. فالحزن والفرح هما عاملان نفسيان عاطفيان ( Emotional factors) تؤثران تأثيرات مختلفة على الإنسان. وقد أثبتت الأبحاث الطبية الحديثة بأن للفرح والحزن تأثيرات سلبية على قلب الإنسان، لذا يوصي الأطباء بعدم إخبار الأنباء السارة والمحزنة إلى المصابين بأمراض القلب .. كما وأشارت البحوث الطبية إلى أن العوامل النفسية كالفرح والحزن قد تسبب أحيانا استهلاك كمية كبيرة من الأغذية دون وعي مما يؤدي إلى السمنة والتي لها مضاعفات كثيرة ومنها المضاعفات الحركية التي تؤدي إلى التهاب المفاصل في عظام الركبة والعمود الفقري، وكذلك العضلات تضعف في منطقة البطن وهي التي تساند الأحشاء وعضلات الرجل ويقل انقباضها مما يؤدي إلى تكون فتوق البطن وتتمدد الشرايين ويتأثر التنفس بفعل زيادة الدهن تحت الحجاب الحاجز وحول الصدر.
ومنها أيضا مضاعفات الدورة الدموية أي زيادة عمل القلب بسبب الوزن الزائد وزيادة الحمل عليه مما يؤدي إلى زيادة نسبة الإصابة بتصلب الشرايين والذبحة الصدرية. ثم مضاعفات التمثيل الغذائي الذي يختل نتيجة السمنة المفرطة مما يؤدي إلى مرض السكر وارتفاع نسبة الكولسترول في بلازما الدم والذي يؤدي بدوره إلى الجلطة وتكوين تجمعات عضوية كولسترولية، فحصوة المرارة تختلف عن حصوة الكلى الكلسية في حويصلة الصفراء.
وأخيرا المضاعفات النفسية للسمنة التي تبعد الإنسان عن مظهر الأناقة والرشاقة وتكون حركته أبطأ واستجاباته الذهنية أقل نشاطا أيضا. وفي هذا كله يختصر لنا اللّه تعالى بقوله سبحانه: ... وكُلُوا واشْرَبُوا ولا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ (31)، (الأعراف: من الآية 31)، وقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم: ((ما ملأ ابن آدم وعاء شر من بطنه حسب المسلم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث

الصفحة 33