كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)
يجوز من الغضب والشّدّة لأمر اللّه وقال اللّه تعالى: جاهِدِ الْكُفَّارَ والْمُنافِقِينَ واغْلُظْ عَلَيْهِمْ .. وكذلك أفرد بابا آخر في كتاب الأدب أيضا هو باب الحذر من الغضب لقول اللّه تعالى والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ والْفَواحِشَ وإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) وقوله الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ والضَّرَّاءِ والْكاظِمِينَ الْغَيْظَ والْعافِينَ عَنِ النَّاسِ واللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) ..
وفي الأيمان والنذور أفرد بابا آخر للغضب هو باب اليمين فيما لا يملك وفي المعصية وفي الغضب .. وآخر في الديات باب إذا لطم المسلم يهوديّا عند الغضب رواه أبو هريرة عن النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم .. فقد أخرج البخاري في كتاب الأدب (5649) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال (ليس الشّديد بالصّرعة إنّما الشّديد الّذي يملك نفسه عند الغضب) ..
وفي المناقب ذكر البخاري حديثا (3450) عن عليّ بن حسين أنّ المسور بن مخزمة قال إنّ عليّا خطب بنت أبي جهل فسمعت بذلك فاطمة رضي اللّه عنها فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فقالت يزعم قومك أنّك لا تغضب لبناتك وهذا عليّ ناكح بنت أبي جهل، فقام رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم فسمعته حين تشهّد يقول (أمّا بعد أنكحت أبا العاص بن الرّبيع فحدّثني وصدقني وإنّ فاطمة بضعة منّي وإنّي أكره أن يسوءها واللّه لا تجتمع بنت رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم وبنت عدوّ اللّه عند رجل واحد)، فترك عليّ رضي اللّه عنه الخطبة .. وفي كتاب الأدب في صحيح البخاري (5651) عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أنّ رجلا قال للنّبي صلّى اللّه عليه وسلّم أوصني، قال (لا تغضب)، فردّد مرارا قال (لا تغضب) «1» .. ومن الوصايا النبوية في حال الغضب:
1. أن الرجل إذا تملكه الغضب وهو واقف فليجلس على الأرض، وإذا كان منبطحا فلينهض. وهنا إشارة علمية نبوية غاية في الدقة، إذ أن الدم إذا تحرك في حال تغيير وضع الجسم سيؤدي إلى تنشيط الدورة الدموية وبالتالي إلى تخفيف الغضب.
______________________________
(1) موسوعة الإعجاز العلمي في الحديث النبوي الشريف، عبد الرحيم مارديني، ص 205 - 208، بتصرف.