كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

بدءا وضع القرآن الكريم والسنة المطهرة قوانين تمنع حصول النزاع وهي قوانين الاختيار بين الزوجين، فقال تعالى: واللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً وجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ بَنِينَ وحَفَدَةً ورَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ أَفَبِالْباطِلِ يُؤْمِنُونَ وبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)، (النحل: 72) .. قال بعض أهل التفسير رزق الطيبات في الآية يدخل فيه الرزق بالولد الصالح وهم البنين والحفدة المقصودون فيها وهو دليل على صلاح الزوجين، ويعضد ذلك تفسير ما كان في قصة موسى والخضر عليهما السلام مع اليتيمين وأبوهما الصالح في سورة الكهف، وكذلك قوله تعالى * هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ وجَعَلَ مِنْها زَوْجَها لِيَسْكُنَ إِلَيْها فَلَمَّا تَغَشَّاها حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفاً فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُما لَئِنْ آتَيْتَنا صالِحاً لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ (189)، (الأعراف: 189).
وقوله تعالى * ولَقَدْ كَرَّمْنا بَنِي آدَمَ وحَمَلْناهُمْ فِي الْبَرِّ والْبَحْرِ ورَزَقْناهُمْ مِنَ الطَّيِّباتِ وفَضَّلْناهُمْ عَلى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنا تَفْضِيلًا (70)، (الإسراء: 70) .. قال بعض أهل العلم أن من التفضيل الرزق بالولد الصالح، ومنه أن من بعض ما فسرت به قوله تعالى * إِنَّ اللَّهَ فالِقُ الْحَبِّ والنَّوى يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ومُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ ذلِكُمُ اللَّهُ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ (95)، (الأنعام: 95) .. قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّماءِ والْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ والْأَبْصارَ ومَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ويُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ومَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلا تَتَّقُونَ (31) .. (يونس: 31) .. يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ ويُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ ويُحْيِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وكَذلِكَ تُخْرَجُونَ (19)، (الروم: 19) .. أن إخراج الكافر والطالح (الميت) من صلب المؤمن والصالح (الحي) أو بالعكس هو من أمر اللّه تعالى وفضله على خلقه.
أما قوله تعالى الْخَبِيثاتُ لِلْخَبِيثِينَ والْخَبِيثُونَ لِلْخَبِيثاتِ والطَّيِّباتُ لِلطَّيِّبِينَ والطَّيِّبُونَ لِلطَّيِّباتِ أُولئِكَ مُبَرَّؤُنَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ ورِزْقٌ كَرِيمٌ (26)، (النور: 26)، فهو قانون بين واضح جلي لكل ذي عقل وبصيرة أن الزوجين الصالحين هما فعلا المقربون إلى اللّه تعالى وإلى الناس لما سينتجوه من عيال بررة صالحين، والعكس يصح أيضا.

الصفحة 39