كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

بعدكم)، فكبّر عمر ثمّ قال له (ألا أخبرك بخير ما يكنز المرء المرأة الصّالحة إذا نظر إليها سرّته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته) «1».
فإذا ما كان الاختيار مدروسا متكافئا حسب ما جاء في القوانين القرآنية والنبوية التي بينا بعضها آنفا فستكون الزيجة عندئذ ناجحة بكل المقاييس، أما إذا اختلت المعادلة لسوء تقدير أحد الأطراف فلا يلومن إلا نفسه.
وعلى كل حال فقد وضع القرآن الكريم الحلول المناسبة التي تحاول منع المشاكل المؤدية إلى الانفصال، فجعل من سور النساء، الأحزاب، النور، الطلاق، وغيرها من السور والآيات وكذلك أحاديث المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم مدرسة لذلك.
تدبر معي أخي الكريم كيف يراعي القرآن الكريم الحالة النفسية للزوج والزوجة، فالزوج يمر بمشاغل الحياة وتعبها وهم العيال واللهث وراء الرزق وطرق أبوابه وما يصاحب هذا من تعب جسمي ونفسي وذهني وجسدي ليؤثر ذلك على نمط سلوكه وتصرفه، وقد يلاقي من التوبيخ والتقريع والإهانة من رب العمل، أو المنغصات من الناس ما يجعله يعود لبيته منهكا ليحول كل ذلك إلى أسرته وزوجته وعياله ... وتلك المرأة المسكينة تمر بمراحل تغير من نفسيتها بل وحتى من نمط تفكيرها وتبعا لذلك عمل هرموناتها، فمن رهبة الدخول لقفص الزوجية، مرورا بالحمل والولادة والرضاعة والنفاس والحيض وما يصاحب كل ذلك من تأثير على الحالة النفسية والجسدية والذهنية لها، فضلا عن أنها مسئولة عن مراعاة مزاج الزوج وتقلباته وتربية الأطفال ومعاناتها وواجبات البيت وإفرازاته مع تحمل أمراض المجتمع وإرهاصاته ... فقد أثبتت البحوث الحديثة أن الحيض لوحده (وهو كما يعرفه الأطباء والمختصون بأنه إسقاط مصغر) يجعل من حال المرأة كحال المجنونة أقرب منها إلى العاقل لما له من تأثيرات سلبية على كل خلية فيها، فيتغير المزاج والتفكير وتتدهور الصحة والتركيز وتضعف السيطرة على الأعصاب وما إلى ذلك من تغييرات تم ثبوتها خلال التجارب والبحوث الحديثة، وقد ذكرنا بعض الإعجازات القرآنية في موضوع الحيض في كتاب
______________________________
(1) انظر كتابنا (المنظار الهندسي للقرآن الكريم)، الباب الثالث/ الفصل الرابع (سقف من فضة وبيوت من زخرف) ففيه تفاصيل واسعة حول هذا الموضوع.

الصفحة 43