كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

الطب من هذه السلسلة.
إلى كل تلك الأسباب وغيرها شرع القرآن الكريم والسنة المطهرة أساليب للعلاج النفسي والاجتماعي لمراعاة حالات الخلاف والاختلاف بين الزوجين منعا للكارثة، ومن ذلك ما جاء في سورة الطلاق بأسرها وكيف أن الخطاب فيها جاء - لمن يتدبر - وكأن اللّه تعالى بعظمته وجلاله يتقدم بالرجاء للزوج أن يعرض عن فعلة الطلاق فيخاطبه تعالى، وما أعظم الخطاب، بعد كل تفصيل في السورة بعبارة ... ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ ... ، أي من يخاف ربه فعلا فلن يطلق زوجته مهما كانت الأسباب إلا التي يستوجب الطلاق فيها كفعل القبيح والعياذ باللّه، فقد جاءت هذه العبارة ثلاث مرات في السورة للتأكيد على هذا الطلب، تخيل أخي الكريم أن اللّه تعالى يتقدم إليك بالرجاء، فأي منزلة للأسرة والمرأة تلك التي رسمها الإسلام، وليسمع كل أعدائه عظمة هذا الدين، وليفهم كل الأدعياء والجهلة كم هي الرقة ودفء المشاعر التي يرسمها لنا شرعنا الحنيف في أحلك الظروف التي تمر بها الأسرة، اسمع يا أخي وتدبر:
* الرجاء الأول بعدم الطلاق حتى إن كان الأمر قد وصل إليه، فالتراجع عنه أقرب لمحبة اللّه ورضوانه حفاظا على رباط الأسرة التي هي عند اللّه تعالى ميثاق غليظ، رجاء جزاءه تفريج الهم: فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وأَقِيمُوا الشَّهادَةَ لِلَّهِ ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ والْيَوْمِ الْآخِرِ ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً (2)، (الطلاق: 2).
* الرجاء الثاني بعدم الطلاق، رجاء جزاءه فتح أبواب الرزق مع تيسير الحال في الدنيا واللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاثَةُ أَشْهُرٍ واللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وأُولاتُ الْأَحْمالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْراً (4)، (الطلاق: 4).
* الرجاء الثالث بعدم الطلاق، وجزاءه أعظم من سابقيه وهو تكفير السيئات وتعظيم الأجر في الآخرة: ذلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ ومَنْ يَتَّقِ اللَّهَ

الصفحة 44