كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ ويُعْظِمْ لَهُ أَجْراً (5)، (الطلاق: 5).
والأمثلة في هذا المقام أكثر من أن تضرب، ولكن دعونا نتدبر ما جاء في سورة النساء حول الإجراءات الاحترازية والوقائية والنفسية في منع حدوث الخلاف المؤدي للهدم والطلاق، يقول تعالى:
1 - الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ بِما فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ وبِما أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ فَالصَّالِحاتُ قانِتاتٌ حافِظاتٌ لِلْغَيْبِ بِما حَفِظَ اللَّهُ واللَّاتِي تَخافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ واهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضاجِعِ واضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً (34)، (النساء: 34) «1».
2 - وإِنْ خِفْتُمْ شِقاقَ بَيْنِهِما فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وحَكَماً مِنْ أَهْلِها إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً (35)، (النساء: 35) .. وإِنِ امْرَأَةٌ خافَتْ مِنْ بَعْلِها نُشُوزاً أَوْ إِعْراضاً فَلا جُناحَ عَلَيْهِما أَنْ يُصْلِحا بَيْنَهُما صُلْحاً والصُّلْحُ خَيْرٌ وأُحْضِرَتِ الْأَنْفُسُ الشُّحَّ وإِنْ تُحْسِنُوا وتَتَّقُوا فَإِنَّ اللَّهَ كانَ بِما تَعْمَلُونَ خَبِيراً (128)، (النساء: 128) .. فعملية إدخال عنصر الإصلاح من قبل آخرين هو الدور الذي يمثله اليوم وفي زماننا المتطور هذا المصلح الاجتماعي أو قل المراقب والباحث الاجتماعي، واختيار الأقرباء والعقلاء منهم هو لحرصهم على الإصلاح أكثر من غيرهم. إذ عند ما تصل الأمور بين الزوجين بأن يتملكهما الغضب ويأخذهما الاعتداد بالنفس والعزة بالإثم كل مأخذ فعندئذ لا يمكن للنصح أن يفعل فعله، فلا بد من طرف متعقل يتصدى للأمر ويأخذ بزمام المبادرة لفعل الصلح الذي جعله اللّه تعالى واحدا من أهم
______________________________
(1) سنتطرق إلى معنى القوامة للرجال على النساء في كتاب (الاقتصاد والاجتماع) من هذه السلسلة ... كما وأن معنى النشوز أي الإعراض عن واجب المطاوعة لا يعني هنا تسلط الرجال واستغلالهم لهذه الصلاحية في التعدي على الزوجة لأقل تقصير قامت به، وإنما فصّل أهل العلم في هذا، ولكن الجهل الغالب على الناس في أمور دينهم وتغييب التعليم الصحيح لمفاهيم الشريعة بل والتهكم بها في وسائل الإعلام المغرضة جعل أكثر الناس يلومون الدين ويحولون المباح بشرط إلى حلال مطلق، فنعيب زماننا والعيب فينا .....

الصفحة 45