كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

الفصل الأول الجهاز العصبي والحسي
1 - الأعصاب وجذع الدماغ:
يقول الدكتور عمار محمد سليمان الشماع في بحثه (حبل الوريد في القرآن والحديث والطب) ما نصه: قال اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم ولَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ ونَعْلَمُ ما تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ ونَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16)، (سورة ق: 16).
عند ما نمعن النظر فيما قدمه المفسرون لنا من السلف الصالح بخصوص هذه الآية الكريمة نجد أن معظم الآراء تلتقي على أن حبل الوريد قد قصد به وعاء دموي وهو العرق بجانب العنق تزعم العرب أنه من الوتين «1». ولكن هناك بعض المؤشرات التي تجعل هذا التفسير بعيدا عن الدقة لمن نظر في الآية بتعمق وتخصص أكثر. فعبارة حبل الوريد لا تعني وعاء دمويا لأن الحبل وهو ما يكون غير مجوف (أو غير أنبوبي) لا يمكن أن يسمى حبلا إذا أصبح مجوفا لأنه بذلك يفقد من قوته ويكتسب صفة أخرى. ولقد ربط اللّه سبحانه وتعالى في هذه الآية بين وسوسة النفس وبين قربه من حبل الوريد، وعلى اعتبار أن الوسوسة تحصل في الدماغ فإن هناك أعضاء أخرى هي أقرب للدماغ من العرق في الرقبة وعليه كان من باب أولى أن يتم ذكرها بدلا من هذا العرق فضلا عن أن العرق الدموي ليس له علاقة بعملية الوسوسة. بالإضافة إلى ذلك فلو كان المقصود بحبل الوريد ذلك العرق الذي ينقل الدم إلى الدماغ فإن هناك عرقا آخر لا يقل أهمية عن العرق الأول يقوم بنقل الدم إلى أماكن غاية في الأهمية من الدماغ. أضف إلى ذلك الحقيقة التي تضمنتها الآية الكريمة وهي الإشارة إلى حبل الوريد على أنه عضو فردي وغير مزدوج وهذه الحقيقة لا تتفق مع التفسير المصطلح عليه لحد الآن إذ أن
______________________________
(1) تفسير البيضاوي، القاضي ناصر الدين البيضاوي (ج 2 ص 421 - 422)، تفسير الجلالين لمحمد أحمد المحلي وجلال الدين السيوطي (ص 687 دار المعرفة - بيروت)، ومختار الصاح لمحمد بن أبي بكر عبد القادر الرازي (ص 716).

الصفحة 5