كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

8. الصبر أولا: في كل الأحوال يدعو اللّه تعالى إلى الصبر وعدم التعجل بالرد، فكانت جائزة الصابرين أعظم الجوائز وهي دخولهم الجنة بغير حساب في يوم الحساب.
وفي علم النفس الخاص بتربية الأولاد، يعلمنا المصطفى صلّى اللّه عليه وسلّم أن تربية الأولاد تكون بمراحل وحسب العمر، ولكل فئة عمرية نصيبها من المعاملة، كما وينهانا صلّى اللّه عليه وسلّم عن التفريق بين الأولاد في العطايا والتعامل، ونهانا أيضا عن الضرب المبرح، ويأمرنا بتقبيل الأولاد والترفيه عنهم وتقديم الهدايا لهم، ففي صحيح البخاري (باب الهبة للولد) يقول: وإذا أعطى بعض ولده شيئا لم يجز حتّى يعدل بينهم ويعطي الآخرين مثله ولا يشهد عليه وقال النّبيّ صلّى اللّه عليه وسلّم: (اعدلوا بين أولادكم في العطيّة وهل للوالد أن يرجع في عطيّته وما يأكل من مال ولده بالمعروف ولا يتعدّى)، واشترى النّبي صلّى اللّه عليه وسلّم من عمر بعيرا ثمّ أعطاه ابن عمر وقال اصنع به ما شئت. بل إن المتتبع لقصة سيدنا يوسف عليه السّلام في سورة يوسف يجد أن السبب الرئيسي في كل ما جرى من مآسي له جاءت بسبب حقد أخوته عليه لإحساسهم أنه مفضل دونهم عند أبيه.
وفي كل هذه الأساليب التربوية النبوية الشريفة من الروعة والدقة للتقسيم العمري للأولاد ما يغني عن التفسير والتفصيل، ويكفي أن نقول أن علم النفس الحديث وبعد تجارب لسنين طويلة أثبت صحة كل ذلك.
واسمع كيف يجمع لك القرآن صفات عديدة للنفس البشرية مع علاجات اجتماعية وقضائية لظواهر عديدة في كلمات معدودات: فَما أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وما عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وأَبْقى لِلَّذِينَ آمَنُوا وعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ (36) والَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبائِرَ الْإِثْمِ والْفَواحِشَ وإِذا ما غَضِبُوا هُمْ يَغْفِرُونَ (37) والَّذِينَ اسْتَجابُوا لِرَبِّهِمْ وأَقامُوا الصَّلاةَ وأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ ومِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (38) والَّذِينَ إِذا أَصابَهُمُ

الصفحة 55