كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)
هناك في كل جانب من الرقبة عرقا مستقلا، فيكون هناك عرقان في الرقبة وليس عرقا واحدا. والآية الكريمة قد تجلت فيها ثلاث صفات عظيمة للّه صلّى اللّه عليه وسلّم دلت على قدرته تعالى في تصريف إرادته ابتداء بخلق الإنسان ومن ثم علمه بالوسوسة التي تحصل في النفس وأنه تعالى أقرب للإنسان من حبل الوريد حيث نبه صلّى اللّه عليه وسلّم على سعة علمه وكماله بخلق الإنسان وعلمه بحاله وما يخطر بباله وما يجول في نفسه. وعليه لا بد أن يكون حبل الوريد هذا ذا أهمية كبيرة. وبما أن اللّه تعالى قد ربط بين وسوسة النفس وبين حبل الوريد في آية واحدة فإنه من البديهي أن تكون لحبل الوريد هذا علاقة وثيقة بعملية الوسوسة وبالتالي كان لا بد أن يكون حبل الوريد غير الذي أشير إليه سابقا على أنه عرق في العنق. إن اصل الوسوسة هو الحركة أو الصوت الخفي الذي لا يحس فيحترز منه، وعلى الأغلب فإن وسوسة النفس (الكلام الخفي الذي يحصل في النفس) ذات علاقة مباشرة بالذهن وأن الذهن هو المظهر الذاتي، أو الباطني للدماغ والذي يقوم بوظائف استرجاعية، فهو عبارة عن جهاز استرجاع ذاتي، وقد اتضح مؤخرا بأن هذا الجهاز هو من المظاهر المركزية للوعي. يتضح مما تقدم أن حبل الوريد هو جزء من أجزاء الدماغ المهمة، وله علاقة بالوعي واليقظة والأفعال الإرادية وغير الإرادية وذو اتصال مباشر وغير مباشر مع معظم أجزاء الدماغ المختلفة. وباعتقادنا فإن حبل الوريد يكون على الأغلب هو جذع الدماغ ( Brain Stem)، واللّه سبحانه وتعالى أعلم بمراده.إن جذع الدماغ هو جسم عصبي يبلغ طوله حوالي 5، 7 سم، يختلف في تركيبه الأساسي عن الأوعية الدموية التي تتميز جدرانها بخصائص تجعلها متخصصة لنقل الدم وليس لها بأي حال من الأحوال صفات الحبل لربط أو تثبيت أعضاء أخرى، وهذا بخلاف جذع الدماغ الذي يعتبر وسيطا لربط نصفي كرة المخ مع النخاع الشوكي فتظهر خواص الحبل فيه، ومن ناحية أخرى فإنه الوريد الذي يورد أو عن طريقه ترد المعلومات من وإلى الدماغ وعليه فان كلمة الوريد هي تبيان لتوريد المعلومات والحوافز الداخلة والخارجة من الدماغ.
وبالإضافة إلى هاتين الصفتين (كونه حبلا وكونه موردا للمعلومات) فإن لجذع الدماغ صفة مهمة أخرى هي احتواؤه على ما يسمى بالجهاز المنشط الشبكي ولهذا الجهاز وظائف عديدة أهمها المحافظة على حالة الوعي فيكون الإنسان في حالة انتباه
