كتاب سلسلة ومضات إعجازية من القرآن والسنة النبوية (اسم الجزء: 12)

وتيقظ. وكذلك فإن هذا الجهاز يجعل استلام المحفزات من قبل الدماغ ممكنا ولو قطع الاتصال بين التكوين الشبكي وقشرة المخ لأصبح الشخص في حالة سبات عميق. فضلا عن علاقة الجهاز الشبكي المنشط بالانتباه، اليقظة، الوعي، النوم وفعاليات الدماغ الكهربائية فإنه يستلم أيضا ويورد المعلومات من الأجهزة السمعية والبصرية والشمية ولهذا فمن غير الغريب أن اعتبر قسم من العلماء تدمير جذع الدماغ معادلا لموت الدماغ الكامل أو دليلا على ذلك. وإذا رجعنا إلى الآية الكريمة نجد أن السياق مستمر يدل على ارتباط الوسوسة مع حبل الوريد إذ يوجد ارتباط مباشر بين ما يحدث الإنسان به نفسه بصورة خفية وبين ما يمكن أن يتحول من الأفكار والخواطر إلى فعاليات إرادية حركية وهذه الفعاليات تكون ذات علاقة مباشرة وغير مباشرة مع جذع الدماغ إذ تمر الإيعازات من خلاله إلى باقي أنحاء الجسم. وبذلك فإن اللّه سبحانه وتعالى قد أعلن في هذه الآية الكريمة أنه يعلم الوسوسة في وقت حدوثها وكذلك قبل تحولها أو وصولها إلى جذع الدماغ حيث يكون التحول من النية إلى الفعل الحركي في بداياته وبالتعاون مع بقية أجزاء الدماغ الأخرى، فهو سبحانه وتعالى أقرب إلى الإنسان من هذه المرحلة، وهو سبحانه بذلك أقرب إلى الإنسان من وعيه وحسه ويقظته وانتباهه وأن جميع هذه الفعاليات مهمة لإظهار عملية الوسوسة فكان ذلك الربط الإعجازي في هذه الآية الكريمة بين عملية الوسوسة وبين حبل الوريد وكل ما يحدث فيه من فعاليات مهمة، وهذه لفتة بديعة أخرى في مضمون هذه الآية وصدق اللّه إذ يقول سَنُقْرِئُكَ فَلا تَنْسى (6) إِلَّا ما شاءَ اللَّهُ إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وما يَخْفى (7)، (سورة الأعلى). وعلى ما يبدو فقد تم ذكر جذع الدماغ في الحديث الشريف الذي ذكره البخاري في صحيحه عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه وسلّم قال ((يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة مكانها: عليك ليل طويل فارقد، فإذا استيقظ فذكر اللّه انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقده كلها فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان)) «1». في هذا الحديث الشريف دلائل وإشارات بديعة تتعلق بجذع الدماغ منها:
أ - ذكر الحديث قافية الرأس وقافية الرأس من الناحية التشريحية تعني الحجرة
______________________________
(1) صحيح البخاري باب التهجد، 1/ 199، دار الفكر - بيروت.

الصفحة 7