كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
طلحة عن عائشة قالت: ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا وهديًا ودلًّا برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قيامها وقعودها من فاطمة. وكانت إذا دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- قام إليها وقبَّلها وأجلسها في مجلسه، وكان إذا دخل عليها فعلت ذلك، فلمَّا مرض دخلت عليه فأكبَّت عليه قبلته.
واتفقت الروايتان على أنَّ الذي سارَّها به أولًا فبكت، هو إعلامه إياها بأنه يموت من مرضه ذلك، واختلفا فيما سارَّها به فضحكت، ففي رواية عروة أنه: إخباره إياها بأنها أوّل أهله لحوقًا به، وفي رواية مسروق أنه: إخباره إياها أنها سيدة نساء أهل الجنة. وجعل كونها أوّل أهله لحوقًا به مضمومًا إلى الأوّل، وهو الراجح، فإن حديث مسروق يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة، وهو من الثقات الضابطين.
ومما زاده مسروق: قول عائشة: ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن، فسألتها، عن ذلك فقالت: ما كنت لأفشي سرَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى توفي
__________
عبيد الله التميمية, كانت فائقة الجمال، روى لها الجميع "عن عائشة" أم المؤمنين، "قالت: ما رأيت أحدًا أشبه سمتًا" بفتح المهملة وسكون الميم وفوقية "وهديًا" بفتح فسكون "ودلًّا" بفتح الدال المهملة وشد اللام- الثلاثة عبارة عن الحالة التي يكون عليها الإنسان من السكينة والوقار وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر والهيبة -كما في النهاية, "برسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قيامها وقعودها من فاطمة، وكانت إذا دخلت على النبي -صلى الله عليه وسلم- قام إليها" إجلالًا لها, وفيه مشروعية القيام, "وقَبَّلها" حبًّا لها "وأجلسها في مجلسه" تعظيمًا لها, "وكان" صلى الله عليه وسلم "إذا دخل عليها" في بيتها "فعلت ذلك، فلمَّا مرض دخلت" فاطمة "عليه، فأكبَّت عليه فقبَّلته" حبًّا وإشفاقًا "واتفقت الروايتان على أن الذي سارَّها به أولًا فبكت هو: إعلامه إياها بأنه يموت من مرضه ذلك، "واختلفا" أي: الروايتان "فيما سارَّها به فضحكت، ففي رواية عروة: إنه إخباره إياها بأنها أوّل أهله لحوقًا به".
"وفي رواية مسروق" كما رأيت: إنه إخباره إياها أنها سيدة نساء أهل الجنة, وجعل كونها أوّل أهله لحوقًا به مضمومًا إلى الأوّل" إخباره بأنه ميت من وجعه "وهو الراجح، فإن حديث مسروق" عن عائشة "يشتمل على زيادات ليست في حديث عروة" عنها, "وهو" أي: مسروق "من الثقات الضابطين" فزيادته مقبولة, "ومما زاده مسروق قول عائشة: ما رأيت كاليوم" أي: كفرح اليوم "فرحًا" بفتح الراء- أو التقدير: ما رأيت فرحًا كفرح رؤيته اليوم أقرب من حزن" بضم المهملة وسكون الزاي, ولأبي ذرٍّ بفتحهما, "فسألتها عن ذلك، فقالت: ما كنت لأفشي" بضم