كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

فسألتها فقالت: أسرَّ إلي "أن جبريل كان يعارضني القرآن كل سنة مرة، وأنه عارضني العام مرتين، ولا أراه إلا حضر أجلي، وأنك أوّل أهل بيتي لحاقًا بي".
وفي رواية عائشة بنت طلحة من الزيادة: إن عائشة لما رأت بكاها وضحكها قالت: إن كنت لأظن أن هذه المرأة من أعقل النساء، فإذا هي من النساء.
ويحتمل تعدد القصة.
وفي رواية عروة الجزم أنه ميت من وجعه ذلك, بخلاف رواية مسروق, ففيها أنه ظنّ ذلك بطريق الاستنباط مما ذكره من معارضة القرآن.
وقد يقال: لا منافاة بين الخبرين إلا بالزيادة, ولا يمتنع أن يكون إخباره بكونها أوّل أهله لحوقًا به سببًا لبكائها ولضحكها معًا باعتبارين، فذكر كل من الراويين ما لم يذكر الآخر.
__________
الهمزة "سرَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى توفي" متعلق بمحذوف تقديره: فلم تقل لي شيئًا حتى توفي, "فسألتها، فقالت: أسرَّ إلي: "إن" بكسر الهمزة "جبريل كان يعارضني" يدارسني "القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضني العام مرتين، ولا أراه" بضم الهمزة- أي: لا أظنه "إلا حضر أجلي, وإنك أوّل أهل بيتي لحاقًا بي".
قال المصنف: بفتح اللام والحاء المهملة، قال الحافظ: وقد طوى عروة هذا كله.
"وفي رواية عائشة بنت طلحة" السابقة قريبًا "من الزيادة، أنّ عائشة لما رأت بكاءها وضحكها، قالت: إن" مخففة من الثقيلة، أي: إني "كنت لأظن أن هذه المرأة" أي: فاطمة "من أعقل النساء، فإذا هي من النساء، لجمعها بين حزن وفرح؛ لكنها معذورة؛ لأنه أخبرها بما يوجب كلًّا منهما "ويحتمل تعدد القصة" جمعًا بين روايتي مسروق وعروة.
"وفي رواية عروة "لفظ الفتح، ويؤيده، أي: هذا الاحتمال أنَّ في رواية عروة "الجزم أنه ميت من وجعه ذلك بخلاف رواية مسروق، ففيها أنه ظنَّ ذلك بطريق الاستنباط, مما ذكره من معارضة القرآن" مرتين "وقد يقال: لا منافاة بين الخبرين" خبر عروة وخبر مسروق "إلّا بالزيادة، ولا يمتنع أن يكون إخباره بكونها أوّل أهله لحوقًا به سببًا لبكائها وضحكها معًا باعتبارين" فباعتبار أسفها على بقائها بعده مدة بكت, وهو ما رواه مسروق، وباعتبار سرعة لحاقها به ضحكت, وهو ما رواه عروة "فذكر كلّ من الراويين" مسروق وعروة "ما لم يذكره الآخر", وهذا الجمع أَوْلَى من احتمال التعدد؛ لأن الأصل عدمه.

الصفحة 101