كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
كراهية المريض للدواء، فلمَّا أفاق قال: "ألم أنهكم أن تلدوني؟ " فقالوا: كراهية المريض للدواء، فقال: "لا يبقى أحد في البيت إلّا لد وأنا أنظر إلا العباس فإنه لم يشهدكم" رواه البخاري.
واللدود هو ما يجعل في جانب الفم من الدواء، فأمَّا ما يصب في الحلق فيقال له: الوجور.
وفي الطبراني من حديث العباس: إنهم أذابوا قسطًا بزيت ولدّوه به.
وفي قوله: "لا يبقى أحد في البيت إلا لد" ... إلخ مشروعية القصاص فيما يصاب به الإنسان، وفيه نظر؛ لأن الجميع لم يتعاطوا ذلك، وإنما فعل بهم ذلك عقوبة لهم؛ لتركهم امتثال نهيه عمَّا نهاهم عنه. قال ابن العربي: أراد أن لا يأتوا يوم
__________
قال عياض: ضبطناه بالرفع، أي: هذا منه كراهية، وقال أبو البقاء: خبره مبتدأ محذوف، أي: هذا الامتناع كراهية، ويجوز النصب مفعول له، أي: نهانا لكراهية أو مصدر، أي: كرهه كراهية.
قال عياض: الرفع أوجه من النصب على المصدر, "فلما أفاق قال: "ألم أنهكم أن تلدوني" بإشارتي لكم بعدم فعل ذلك, "فقلنا" ظننا أنك إنما نهيت "كراهية المريض للدواء" لا لسبب يقتضي ترك اللد "فقال: "لا يبقى أحد في البيت إلا لد" بضم اللام مبني للمفعول، أي: إلّا فعل ذلك به تأديبًا حتى لا يعود وأنا أنظر" جملة حالية، أي: في حال نظري إليهم, "إلا العباس، فإنه لم يشهدكم" أي: لم يحضركم حال اللد فلا يلد.
"رواه البخاري, واللدود" بوزن صبور "هو ما يجعل" أي: يصبّ "في جانب الفم بالمسعط "من الدواء" بيان لما, "فأمَّا ما يصب في الحلق" من الدواء "فيقال له: الوجور" بفتح الواو بعدها جيم.
"وفي الطبراني من حديث العباس" بن عبد المطلب، "إنهم أذابوا قسطًا" بضم القاف العود الهندي "بزيت ولدوه به" صبوه من أحد شقي فمه "وفي قوله: "لا يبقى أحد في البيت إلا لد".... إلخ.
"مشروعية القصاص فيما يصاب به الإنسان عمدًا "وفيه نظر؛ لأن الجميع لم يتعاطوا ذلك، وإنما فعل بهم ذلك" أي: أمر بفعله "عقوبةً لهم؛ لتركهم امتثال نهيه عمَّا نهاهم عنه" قال الحافظ: أمَّا من باشره فظاهر، وأما من لم يباشره فلكونهم تركوا نهيهم عمَّا نهاهم هو عنه، ويستفاد منه أنَّ التأويل البعيد لا يعد ربه صاحبه، ثم فيه نظر أيضًا؛ لأن اللد وقع في معارضة النهي.