كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

عقوهم".
وفي حديث أنس عند البخاري قال: مَرَّ أبو بكر والعبّاس بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون, فقال: ما يبكيكم؟ فقالوا: ذكرنا مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- منَّا، فدخل أحدهما على النبي -صلى الله عليه وسلم- فأخبره بذلك، فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم, وقد عصب على رأسه حاشية برد، فصعد المنبر -ولم يصعده بعد ذلك اليوم, فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: "أوصيكم بالأنصار، فإنهم كرشي وعيبتي، وقد قضوا الذي عليهم، وبقي الذي لهم، فاقبلوا من محسنهم, وتجاوزوا عن مسيئهم".
__________
إليهم, وغير ذلك.
"وفي حديث أنس عند البخاري، قال: مَرَّ أبو بكر" الصديق, "والعبَّاس" بن عبد المطلب, "بمجلس من مجالس الأنصار", وذلك في مرضه -صلى الله عليه وسلم- الذي توفي فيه, "وهم يبكون" جملة حالية "فقال: ما يبكيكم؟ " بأفراد، قال عند البخاري: فما في نسخة: فقالا, غير صحيحة, فقد قال الحافظ: لم أقف على الذي خاطبهم بذلك هل هو أبو بكر أو العباس، ويظهر لي أنه العباس, "فقالوا: ذكرنا مجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- منا" الذي كنَّا نجلسه معه, ونخاف أن يموت من هذا المرض ونفقد مجلسه، فبكينا لذلك, "فدخل أحدهما" ليس في البخاري، إنما فيه: فدخل فقط.
قال الحافظ: كذا أفرد بعد أن ثنَّى، والمراد به من خاطبهم، وقدمت رجحان أنه العباس. انتهى، ومراده بقوله: ثنَّى، أي: في قوله: مَرَّ أبو بكر والعباس، فكان أصل المصنف، أي: أحدهما بأي التفسيرية "على النبي -صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك" الذي وقع من الأنصار, "فخرج النبي -صلى الله عليه وسلم، و" الحال أنه "قد عصب" بخفَّة الصاد المهملة, "على رأسه حاشية برد" بضم الموحدة وسكون الراء- نوع من الثياب معروف.
وفي رواية المستملي: بردة بزيادة هاء التأنيث, وحاشية مفعول عصب, "فصعد" بكسر العين "المنير ولم يصعده" بفتحها "بعد ذلك" اليوم, "فحمد الله وأثنَى عليه، ثم قال: "أوصيكم بالأنصار, فإنهم كرشي" بفتح الكاف وكسر الراء والشين المعجمة, "وعيبتي" بفتح العين المهملة وسكون التحتية وفتح الموحدة وتاء تأنيث, "وقد قضوا الذي عليهم" من الإيواء ونصره -صلى الله عليه وسلم, كما بايعوه ليلة العقبة, "وبقي الذي لهم" وهو دخول الجنة كما وعدهم -عليه السلام, فإنهم بايعوه على إيوائه ونصره على أنَّ لهم الجنة، قاله المصنف تبعًا للحافظ، ويحتمل أن الذي لهم أعمّ من الجنة التي وعدهم بها وإكرامهم في الدنيا.
ويؤيده أن المراد الوصية بهم في الدنيا, وما في الرواية التي قبله وقوله: "فاقبلوا من محسنهم, وتجاوزوا عن مسيئهم" في غير الحدود "وقوله: "كرشي وعيبتي"، أي: موضع سري،

الصفحة 113