كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ} [القصص: 83] ، وقال: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْمُتَكَبِّرِينَ} [الزمر: 60] قلنا: يا رسول الله، متى أجلك؟ قال: "دنا الفراق، والمنقلب إلى الله , وإلى جنة المأوى"، قلنا: يا رسول الله، من يغسّلك؟ قال: "رجال أهل بيتي الأدنى فالأدنى"، قلنا: يا رسول الله، فيم نكفنك؟ قال: "في ثيابي هذه, وإن شئتم في بياض ثياب مصر، أو حلة يمنية"، قلنا: يا رسول الله، من يصلي عليك؟ قال: "إذا أنتم غسَّلتموني وكفَّنتموني, فضعوني على سرير هذا على شفير قبري، ثم اخرجوا عني ساعة، فإن أوّل من يصلي عليّ جبريل, ثم ميكائيل, ثم إسرافيل, ثم ملك الموت ومعه جنود من الملائكة، ثم ادخلوا عليّ فوجًا فوجًا، فصلوا علي وسلموا تسليمًا، وليبدأ بالصلاة عليَّ رجال أهل بيتي، ثم نسائهم، ثم أنتم, وأقرءوا السلام على من غاب من أصحابي ومن تبعني على
__________
عنه, "وعباده" بظلمهم, "فإنه قال لي ولكم: {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ} أي: الجنة {نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ} بالبغي {وَلَا فَسَادًا} بعمل المعاصي, {والعاقبة} المحمودة {للمُتَّقِين} عقاب الله بعمل الطاعات, "وقال: {أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى} مأوى "للمتكبرين" عن الإيمان، كما قال في الآية الآخرى {مَثْوًى لِلْكَافِرِين} [العنكبوت: 68] ، الزمر: 32] ، والمراد: إن لهم فيها المأوى "قلنا: يا رسول الله, متى أجلك؟ قال: "دنا" قرب "الفراق" للدنيا "والمنقلب" الرجوع "إلى الله وإلى جنة المأوى" الإقامة, "قلنا: يا رسول الله, من يغسلك؟ بكسر السين من باب ضرب ويثقّل للمبالغة, "قال: "رجال أهل بيتي الأدنى فالأدنى" الأقرب فالأقرب, "قلنا: يا رسول الله, فيم نكفنك؟ قال: "في ثيابي هذه" التي علي, "وإن شئتم في ثياب بياض مصر" أي: في الثياب البيض التي جاءته من مصر.
روى ابن عبد الحكم أنَّ المقوقس أهدى له -عليه الصلاة والسلام- في جملة الهدية عشرين ثوبًا من قباطي مصر، وأنها بقيت حتى كفِّن في بعضها، والصحيح ما في الصحيح عن عائشة أنه كفِّن في ثياب يمانية كما يأتي, "أو حلة يمنية" من اليمن, "قلنا: يا رسول الله, مَن يصلي عليك؟
"قال: "إذا أنتم غسَّلتموني وكفَّنتموني, فضعوني على سريري هذا على شفير" بمعجمة وفاء- أي حرف "قبري، ثم اخرجوا عني ساعة" قدرًا من الزمان, "فإن أوَّل من يصلي عليَّ جبريل، ثم ميكائيل, ثم إسرافيل، ثم ملك الموت ومعه جنود" جماعة "من الملائكة، ثم ادخلوا عليَّ فوجًا فوجًا" جماعة بعد جماعة -بفتح فسكون- مفرد أفواج, وجمع الجمع أفاويج, "فصلوا عليّ وسلموا تسليمًا، وليبدأ بالصلاة عليَّ رجال أهل بيتي" علي والعبَّاس ونحوهما, "ثم