كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
لقاء ربي والجنة".
وعند عبد الرزاق من مرسل طاوس، رفعه: "خيرت بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي وبين التعجيل فاخترت التعجيل".
وفي رواية أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عند النسائي، وصحَّحه ابن حبان، فقال: "أسأل الله الرفيق الأعلى الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل".
وظاهره أنَّ الرفيق: المكان الذي تحصل فيه المرافقة مع المذكورين، وقال ابن الأثير في "النهاية" الرفيق" جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين، وقيل: المراد به الله تعالى, يقال: الله رفيق بعباده من الرفق والرأفة، انتهى، وقيل: المراد
__________
في لقاء الله وزهدًا في الدنيا, مع أن الجنة معطاة له على التخييرين.
"وعند عبد الرزاق من مرسل طاوس، رفعه: "خُيِّرت بين أن أبقى حتى أرى ما يفتح على أمتي" من المدائن والفتوحات, "وبين التعجيل" إلى لقاء الله تعالى, "فاخترت التعجيل" شوقًا إلى الله تعالى.
"وفي رواية أبي بردة" قيل: اسمه عامر، وقيل: الحارث بن أبي موسى" الأشعري، المتوفَّى في سنة أربع ومائة، وقيل: غير ذلك، وقد جاوز ثمانين سنة "عن أبيه عند النسائي, وصحَّحه ابن حبان فقال" صلى الله عليه وسلم: "أسأل الله الرفيق الأعلى الأسعد مع جبريل وميكائيل وإسرافيل".
وفي رواية المطلب عن عائشة عند أحمد: فقال: "مع الرفيق الأعلى، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين....." إلى قوله رفيقًا، قال الحافظ بعد ذكر هاتين الروايتين مقدمًا الثانية "وظاهره: أنَّ الرفيق المكان الذي تحصل فيه المرافقة مع المذكورين" في الآية, من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ومن الملائكة الثلاثة المذكورين في الحديث لا معهم فقط، كما أوهمه تصرف المنف.
"وقال ابن الأثير في النهاية: الرفيق جماعة الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين" فهو اسم جنس تشمل الواحد فما فوقه، والمراد: الأنبياء, ومن ذكر في الآية، وقد ختمت بقوله تعالى: {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: 69] ونكتة الإتيان بهذه الكلمة بالإفراد, الإشارة إلى أنَّ أهل الجنة يدخلونها على قلب رجل واحد, نَبَّه عليه السهيلي.
"وقيل: المراد به" بالرفيق "الله تعالى"؛ لأنه من أسمائه تعالى كما في مسلم عن عائشة، وأبي داود عن عبد الله بن مغفل، رفعاه: "إن الله رفيق يحب الرفق"، وعَزْوه لأبي داود وحده تقصير, "يقال: الله الرفيق بعباده من الرفق والرأفة. انتهى".