كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

قال السهيلي: الحكمة في اختتام كلامه -صلى الله عليه وسلم- بهذه الكلمة، كونها تتضمّن التوحيد والذكر بالقلب، حتى يستفاد منها الرخصة لغيره أنّه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان؛ لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع، فلا يضره ذلك إذا كان قلبه عامرًا بالذكر، انتهى ملخصًا.
قال الحافظ ابن رجب: وقد روي ما يدل على أنه قُبِضَ ثم رأى مقعده من الجنة, ثم رُدَّت إليه نفسه, ثم خُيِّر. ففي المسند قالت -يعني: عائشة: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما من نبي إلّا تقبض نفسه ثم يرى الثواب, ثم ترد إليه نفسه, فيخير بين أن تُرَدّ إليه إلى أن يلحق" فكنت قد حفظت ذلك عنه، وإني لمسندته إلى صدري، فنظرت إليه حين مالت عنقه، فقلت: قضى، قالت: فعرفت الذي قال، فنظرت إليه حين ارتفع ونظر، فقلت: إذًا والله لا يختارنا، فقال: "مع الرفيق الأعلى
__________
رؤية مَنْ قد رأي، فما بالك بمن رأى بنفسه، وقد سقط هذا من غالب نسخ المصنف, وليس من مسموعنا، وقد بينَّا وجه ذكره هنا.
"قال السهيلي: الحكمة في اختتام كلامه -صلى الله عليه وسلم- بهذه الكلمة كونها تتضمَّن التوحيد"؛ لدلالتها على قطع العلائق عن غيره -سبحانه وتعالى؛ حيث قصر نظره على طلب الرفيق الأعلى على كل تفسيراته, "والذكر بالقلب"؛ لأن الرفيق مفرد, وهو يستدعي تقديرًا في الكلام, كأن يقال: أسألك مجاورة الرفيق ونحوه.
هذا وإن لم يذكر باللسان فهو مستحضر بالقلب, "حتى يستفاد منها الرخصة لغيره أنَّه لا يشترط أن يكون الذكر باللسان" عند الموت؛ "لأن بعض الناس قد يمنعه من النطق مانع" كعقل اللسان عنه, "فلا يضره ذلك إذا كان قلبه عامرًا بالذكر. انتهى ملخصًا" كلام السهيلي.
"قال الحافظ ابن رجب: وقد روي ما يدل على أنه قُبِضَ, ثم رأى مقعده من الجنة، ثم رُدَّت إليه نفسه, ثم خُيِّر، ففي المسند للإمام أحمد, من طريق المطّلب بن عبد الله "قالت" يعني: عائشة:" كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول" وهو صحيح: "ما من نبي" أراد به ما يشمل الرسول, "ألَّا تقبض نفسه، ثم يرى الثواب"، الذي أعدَّه الله له, "ثم ترد إليه نفسه, فيخير بين أن تُرَدّ إليه إلى أن يلحق، فكنت قد حفظت ذلك عنه" في صحته, "وإني لمسندته إلى صدري، فنظرت إليه حين مالت عنقه، فقلت: "قضي" أي: مات" قالت" عائشة: "فعرفت الذي قال" هو ما حفظته عنه, "فنظرت إليه حين ارتفع" بصره "ونظر" إلى جهة سقف البيت "فقلت: "إذًَا والله لا يختارنا", أي: لا يريد البقاء فينا, فقال: "مع الرفيق الأعلى في الجنة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين

الصفحة 120