كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
وفي البخاري من حديث أنس بن مالك: إنَّ المسلمين بينما هم في صلاة الفجر من يوم الاثنين، وأبو بكر يصلي بهم, لم يفجأهم إلّا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم في صفوف الصلاة, ثم تبسَّم يضحك، فنكص أبو بكر على عقبيه ليصل الصف، وظن أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يخرج إلى الصلاة, قال أنس: وهَمَّ المسلمون أن يفتنوا في صلاتهم فرحًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم, فأشار إليهم بيده -صلى الله عليه وسلم- أن أتموا صلاتكم, ثم دخل الحجرة وأرخى الستر.
__________
سقط, وتقصير في العزو، فإن الحديث رواه البخاري والترمذي في الشمائل، عن أنس: لما وجد -صلى الله عليه وسلم- من كرب الموت ما وجد, قالت فاطمة: وا كرباه، فقال -صلى الله عليه وسلم: "لا كرب على أبيك بعد اليوم, إنه قد حضر من أبيك ما ليس الله بتارك منه أحدًا لموافاة يوم القيامة"، فسقط من قلم المصنف لفظ: ليس بعد ما وألف الموافاة.
قال الشراح: ما، أي: أمر عظيم, فاعل حضر, "ليس الله بتارك منه"، أي: من الوصول إليه أحدًا، وذلك الأمر العظيم هو الموافاة يوم القيامة، أي: الحضور, ذلك اليوم المستلزم للموت قبله، وقيل: الموافاة فاعل تارك، أي: لا يترك الموت أحدًا لا يصل إليه، ثم بَيِّنَ ذلك الأمر الذي يوصّل الموت إليه كل أحد بقوله: "يوم القيامة" الواصل إليه كل ميت, وفيه ركاكة, والقصد تسليتها بأنَّه لا كرب عليه بعد اليوم، وأمَّا اليوم فقد حضره ما هو مقر عام لجميع الخلق، فينبغي أن ترضي وتسلمي.
"وفي البخاري من حديث أنس بن مالك, أن المسلمين بينما هم" بميم ودونها روايتان "في صلاة الفجر" الصبح "من يوم الاثنين, وأبو بكر يصلي بهم" وفي رواية: لهم، أي: لأجلهم إمامًا, "لم يفجأهم إلا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قد كشف ستر حجرة عائشة، فنظر إليهم وهم في صفوف, ولأبي ذر: وهم صفوف في "الصلاة، ثم تبسَّم يضحك" حال مؤكدة؛ لأن تبسّم بمعنى يضحك, وأكثر ضحك الأنبياء التبسّم، وكان ضحكه فرحًا باجتماعهم على الصلاة وإقامة الشريعة واتفاق الكلمة, "فنكص" بصاد مهملة، أي: تأخَّر "أبو بكر على عقبيه" بالتثنية؛ "ليصل الصفَّ", أي: يأتي إليه, "وظنَّ أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يريد أن يخرج إلى الصلاة" بهم إمامًا, "قال أنس: وهَمَّ" بشد الميم "المسلمون أن يفتتنوا في صلاتهم" بأن يخرجوا منها, "فرحًا برسول الله -صلى الله عليه وسلم, فأشار إليهم بيده -صلى الله عليه وسلم- أن أتموا صلاتكم، ثم دخل الحجرة وأرخى الستر".
قال الحافظ: فيه أنه لم يصلّ معهم ذلك اليوم، وما رواه البيهقي عن حميد عن أنس: آخر صلاة صلاها -صلى الله عليه وسلم- مع القوم. الحديث, وفسَّرها بأنها صلاة الصبح، فلا يصح الحديث الباب،