كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

فنظرنا إليه وهو قائم، كأنَّ وجهه ورقة مصحف مثلث الميم، ثم تبسَّم -صلى الله عليه وسلم- ضاحكًا. الحديث رواه مسلم.
وقد جزم موسى بن عقبة عن ابن شهاب، أنه -صلى الله عليه وسلم- مات حين زاغت الشمس، وكذا لأبي الأسود عن عروة.
وعن جعفر بن محمد عن أبيه قال: لما بقي من أجل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث، نزل عليه جبريل فقال: يا محمد, إن الله قد أرسلني إليك إكرامًا لك، وتفضيلًا لك، وخاصَّة لك، يسألك عمَّا هو أعلم به منك يقول: كيف تجدك؟ فقال: "أجدني يا جبريل مغمومًا، وأجدني يا جبريل مكروبًا"، ثم أتاه في اليوم الثاني فقال له مثل ذلك، ثم جاءه في اليوم الثالث فقال له مثل ذلك، ثم استأذن فيه ملك
__________
لفظ مسلم: فنظر إلينا, "وهو قائم كأنَّ وجهه ورقة" بفتح الراء "مصحف مثلث الميم" كناية عن الجمال البارع وحسن البشرة وصفاء الوجه واستنارته, "ثمَّ تبسَّم -صلى الله عليه وسلم- ضاحكًا" فرحًا باجتماعهم على الصلاة, واتفاق كلمتهم وإقامة شريعته، ولهذا استنار وجهه الوجيه؛ لأنه كان إذا سُرَّ استنار وجهه.... "الحديث" ذكر في بقيته نحو ما مَرَّ في رواية البخاري من همهم بالخروج ونكوص أبي بكر إلى آخره.
"رواه مسلم" من طريق صالح عن الزهري، قال: حدثني أنس فذكره، وفي آخره أيضًا: فتوفي من يومه ذلك, "وقد جزم موسى بن عقبة عن" شيخه "ابن شهاب بأنه -صلى الله عليه وسلم- مات حين زاغت الشمس" بزاي ومعجمة- أي: مالت, "وكذا لأبي الأسود" محمد بن عبد الرحمن "عن عروة" بن الزبير, وجزم ابن إسحاق, بأنه مات حين اشتدَّ الضحاء, أي: بالفتح والمد- ويخدش فيه قوله: وتوفي من آخر ذلك اليوم, ويجمع بنهما بأن إطلاق الآخر بمعنى ابتداء الدخول في أول النصف الثاني من النهار وذلك عند النزول واشتداد الضحاء يقع قبل الزوال, ويستمر حتى يتحقّق زوال الشمس, ويؤيد هذا الجمع ما ذكره ابن شهاب وعروة أنه مات حين زاغت الشمس.
كذا قال الحافظ, مع أن لفظ أنس عند الشيخين: فتوفي من يومه ذلك, ليس فيهما لفظ آخر الذي خدش به, فهو صادق باشتداد الضحاء وبالزوال, نعم جمعه بين هذين بما ذكر متجه. "وعن جعفر" الصادق "بن محمد" الباقر "عن أبيه" محمد بن عليّ بن الحسين "قال: لما بقي من أَجَل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ثلاث نزل عليه جبريل، فقال: يا محمد, إن الله قد أرسلني إليك إكرامًا لك وتفضيلًا لك، وخاصة" تخصيصًا "لك, يسألك عمَّا هو أعلم به منك، يقول: كيف تجدك؟ " أي: تجد نفسك في هذا الوقت, "فقال: "أجدني يا جبريل مغمومًا، وأجدني يا جبريل مكروبًا"، ثم أتاه في اليوم الثاني، فقال له مثل ذلك" الذي قاله في اليوم الأول "ثم أتاه في

الصفحة 127