كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

الموت فقال جبريل: يا محمد، هذا ملك الموت يستأذن عليك، ولم يستأذن على آدمي قبلك، ولا يستأذن على آدمي بعدك، قال: "ائذن له"، فدخل ملك الموت, فوقف بين يديه فقال: يا رسول الله، إن الله -عز وجل- أرسلني إليك, وأمرني أن أطيعك في كل ما تأمر، إن أمرتني أن أقبض روحك قبضتها، وإن أمرتني أن أتركها تركتها، فقال جبريل: يا محمد، إن الله قد اشتاق إلى لقائك، قال -صلى الله عليه وسلم: "فامض يا ملك الموت لما أمرت به"، فقال جبريل: يا رسول الله، هذا آخر موطئي من الأرض، إنما كنت حاجتي من الدنيا, فقبض روحه، فلمَّا توفي -صلى الله عليه وسلم- وجاءت
__________
اليوم الثالث".
وفي رواية: فلمَّا كان في اليوم الثالث هبط جبريل ومعه ملك الموت ومعهما ملك آخر يسكن الهواء لم يصعد إلى السماء قط، ولم يهبط إلى الأرض قط، يقال له: إسماعيل, موكَّل على سبعين ألف ملك، كل ملك على سبعين ألف ملك، فسبقهم جبريل, "فقال له مثل ذلك" القول المذكور, "ثم استأذن في" اليوم الثالث "ملك الموت" وجبريل عنده, "فقال جبريل: يا محمد" وفي نسخة: يا أحمد "هذا ملك الموت يستأذن" يطلب الإذن في الدخول "عليك, ولم يستأذن على أدمي قبلك, ولا يستأذن على أدمي بعدك" فهو تخصيص لك على الجمع "قال: "ائذن له فدخل ملك الموت".
وفي حديث ابن عباس عند الطبراني أنه قال: السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته, إن ربك يقرئك السلام, "فوقف بين يديه فقال: يا رسول الله, إن الله -عز وجل- أرسلني إليك وأمرني أن أطيعك في كلِّ ما تأمر" به "إن أمرتني أن أقبض روحك قبضتها، وإن أمرتني أن أتركها تركتها".
زاد في رواية، قال: "وتفعل ذلك يا ملك الموت؟ " قال: نعم, أمرت أأطيعك في كل ما أمرتني, "فقال جبريل: يا محمد, إن الله قد اشتاق إلى لقائك، قال -صلى الله عليه وسلم: "فامض يا ملك الموت لما أمرت به" من قبض روحي إن شئت، فإني اخترت ذلك, "فقال جبريل: يا رسول الله, هذا آخر موطئي من الأرض, إنما كنت حاجتي من الدنيا".
وفي حديث أبي هريرة عند ابن الجوزي: وهذا آخر عهدي بالدنيا بعدك, والمنفي نزوله بالوحي المتجدّد، فلا ينافي ما ورد في أحاديث أنه ينزل ليلة القدر, ويحضر قتال المسلمين مع الكفار, ويحضر من مات على طهارة من المسلمين، ويأتي مكة والمدينة بعد خروج الدجال ليمنعه من دخولهما، وفي زمن عيسى -عليه السلام- لا بشرع جديد، وتفصيل ذلك يطول, "فقبض روحه" الزكية, "فلمَّا توفي -صلى الله عليه وسلم- وجاءت التعزية" إسناد مجازي، أي: أهل التعزية "سمعوا صوتًا

الصفحة 128