كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

قال السهيلي: وجدت في بعض كتب الواقدي: إن أول كلمة تكلم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مسترضع عند حليمة: "الله أكبر" , وآخر كلمة تكلم بها: "في الرفيق الأعلى".
وروى الحاكم من حديث أنس قال: "إن آخر ما تكلّم به النبي -صلى الله عليه وسلم: "جلال ربي الرفيع".
ولما توفي -صلى الله عليه وسلم- كان أبو بكر غائبًا بالنسخ -يعني: العالية, عند زوجته بنت خارجة- وكان -صلى الله عليه وسلم- قد أذن له في الذهاب إليهما، فسلَّ عمر بن الخطاب سيفه
__________
عباس، قال: توفي وهو إلى صدر علي، فقلت: إن عروة حدَّثني عن عائشة، قالت: توفي بين سحري ونحري، فقال ابن عباس: لقد توفي وأنه لمسند إلى صدر علي, وهو الذي غسَّله وأخي الفضل, وأبي أبى أن يحضر, فيه الواقدي وسليمان لا يعرف حاله, وأبو غطفان -بفتح المعجمة ثم المهملة- اسمه: سعد, مشهور بكنيته, وثَّقه النسائي.
وأخرج الحاكم في الإكليل من طريق حبة العربي: أسندته إلى صدري فسالت نفسه. وحبة ضعيف، ومن حديث أم سلمة، قالت: علي آخرهم عهدًا به -صلى الله عليه وسلم. وحديث عائشة أثبت من هذا، ولعلها أرادت أنه آخر الرجال عهدًا، ويمكن الجمع بأن يكون علي آخرهم عهدًا به، وأنه لم يفارقه حتى مال، فظنَّ أنه مات، ثم أفاق بعد أن توجّه، فأسندته عائشة بعده إلى صدرها فقبض، ولأحمد في أثناء حديث عنها، فبينما رأسه ذات يوم على منكبي؛ إذ مال رأسه نحو رأسي، فظننت أنه يريد من رأسي حاجة، فخرجت من فيه نقطة باردة، فوقعت على نقرة نحري، فاقشعرَّ جلدي, وظننت أنه غشي عليه، فسجيته ثوبًا، انتهى.
فلم يذكر فيها شيعيًّا، وإنما ذكر ضعف رواته كما ترى, "قال السهيلي: وجدت في بعض كتب الواقدي أن أوَّل كلمة تكلّم بها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو مسترضع عند حليمة" السعدية "الله أكبر"، وآخر كلمة تكلم بها "في الرفيق الأعلى".
وفي حديث عائشة عند البخاري: فكانت آخر كلمة تكلم بها: "اللهمَّ الرفيق الأعلى" وروى الحاكم من حديث أنس قال: إن آخر ما تكلّم به النبي -صلى الله عليه وسلم: "جلال" أي: أختار جلال "ربي الرفيع" فقد بلغت ثم قضي، هذا بقية الحديث.
وجمع بينهما بأن هذا آخريه مطلقة وما عداه آخرية نسبية, "ولما توفي -صلى الله عليه وسلم- كان أبو بكر غالبًا بالسنح" بضم السين المهملة فنون ساكنة، وبضمها أيضًا فحاء مهملة "يعني: بالعالية, أي: بأقربها, على ميل من المسجد النبوي "عند زوجته" حبيبة "بنت خارجة بن زيد الخزرجية، صحابية بنت صحابي, "وكان -عليه السلام- قد أذن له في الذهاب إليها"؛ لأنه أصبح يوم الإثنين

الصفحة 133