كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
أي: يكون آخرنا موتًا، أو كما قال, فاختار الله -عز وجل- لرسوله الذي عنده على الذي عندكم, وهذا الكتاب الذي هدى به رسوله, فخذوا به تهتدوا لما هدي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم.
قال أبو نصر: المقالة التي قالها ثم رجع عنها هي: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمت, ولن يموت حتى يقطع أيد وأرجل, وكان ذلك لعظيم ما ورد عليه, وخشي الفتنة وظهور المنافقين, فلما شاهد عمر قوة يقين الصديق الأكبر, وتفوهه بقول الله -عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} وخرج الناس يتلونها في سكك المدينة كأنها لم تنزل قط إلا ذلك اليوم. انتهى.
وقال ابن المنير: لما مات -صلى الله عليه وسلم- طاشت العقول، فمنهم من خبل، ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من أخرس فلم يطق الكلام، ومنهم من أضنى، وكان
__________
قال: ذلك دعا لتوهمهم أنه قال ذلك, فيستمر الاضطراب, "ولكني كنت أرجو أن يعيش رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يدبرنا" بضم التحتية وسكون الدال وفتح الموحدة "أي: يكون آخرنا موتًا، أو كما قال" شك الراوي, "فاختار الله -عز وجل- لرسوله الذي عنده على الذي عندكم، وهذا الكتاب" القرآن "الذي هدى الله به رسوله، فخدوا به" اعملوا بما فيه, "تهتدوا لما هدي له رسول الله -صلى الله عليه وسلم" فتكونوا ورثته، وفي آخر هذا الخبر عند ابن إسحاق: فبايع الناس أبا بكر البيعة العامَّة بعد بيعة السقيفة، ثم تكلّم أبو بكر..... الحديث.
"قال أبو نصر:" المذكور "المقالة التي قالها عمر ثم رجع عنا هي "قوله: إن النبي -صلى الله عليه وسلم- لم يمت, ولن يموت حتى يقطع أيدي الرجل" رجال، يعني: المنافقين, "وكان قوله: "ذلك لعظيم ما ورد عليه, وخشي الفتنة وظهور المنافقين، فلما شاهد عمر قوة يقين الصديق الأكبر وتفوهه", نطقه بقول الله عز وجل: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ} وقوله: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} ، وخرج الناس يتلونها في سكك المدينة كأنَّها لم تنزل قط إلّا ذلك اليوم. انتهى".
وجواب: فلمَّا شاهد محذوف دلَّ عليه ما قبله، أي: رجع عن مقالته, "وقال ابن المنير" في معراجه: "لما مات -صلى الله عليه وسلم- طاشت" ذهبت العقول, أي: كادت تذهب؛ إذ لم تذهب بالفعل, "فمنهم من خبل" أي: قارب الخبل, أو حصلت له حالة تشبه الخبل، قال في القاموس: خبله الحزن جننه وأفسد عقله, "ومنهم من أقعد فلم يطق القيام، ومنهم من أخرس" منع النطق, "فلم يطق الكلام، ومنهم من أضنى" مرض "وكان عمر ممن خبل, أي: كاد لأنه لم يخبل بالفعل