كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

من شرب منه شربة لا يظمأ أبدًا".
قال القرطبي في "التذكرة": ذهب صاحب "القوت" وغيره, إلى أنَّ الحوض يكون بعد الصراط، وذهب آخرون إلى العكس، والصحيح أنَّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- حوضين، أحدهما في الموقف قبل الصراط، والآخر داخل الجنة، وكل منهما يسمَّى كوثرًا.
وتعقبه شيخ الحفاظ ابن حجر: بأن الكوثر نهر داخل الجنة، وماؤه يصب في الحوض، ويطلق على الحوض كوثرًا لكونه يمد منه، فغاية ما يؤخذ من كلام القرطبي أنّ الحوض يكون قبل الصراط؛ لأن الناس يردون من الموقف عطاشًا، فيرد المؤمنون الحوض، ويتساقط الكفار في النار بعد أن يقولوا: ربنا عطشنا، فترفع لهم
__________
أخوان، فما جاز بناء أحدهما منه جاز بناء الآخر معه، وما امتنع امتنع, "وريحه أطيب" ريحًا، ً"من المسك، وكيزانه كنجوم" السماء" في الإشراق والكثرة، ففي حديث أنس في الصحيحين: "فيه من الأباريق كعدد نجوم السماء"، ولأحمد عن أنس: "أكثر من عدد نجوم السماء"، قال عياض: كناية عن الكثرة كما قيل، فيقول: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ} ، وحديث: "لا يضع العصا عن عاتقه"، ومنه قولهم: كلمته في هذا ألف مرة, وهو من المبالغة المعروفة لغة ولا يعد كذبا، َ لكن شرط إباحته أن يكون المكنَّى عنه بذلك كثيرًا في نفسه لا قليلًا، وتعقبه النووي بأن المختار والصواب حمله على ظاهره، لا سيما وقد أقسم, ولا مانع شرعي ولا عقلي ولا نقلي يمنع منه, وردَّه الأبي بنه يمنع منه أنّ ما يعم نجوم السماء من المساحة أكثر من مساحة الحوض, "من شرب منها" أي: الكيزان، وللكشميهني منه، أي: الحوض, "لم يظمأ أبدًا" فشربه بعد ذلك في الجنة إنما هو تنعم وتلذذ لا للظمأ.
"قال القرطبي في التذكرة: ذهب صاحب القوت" أي: كتاب قوت القلوب, وهو أبو طالب المكي "وغيره, إلى أن الحوض يكون بعد الصراط، وذهب آخرون إلى العكس، أي: المخالفة, وهو أنه قبل الصراط, والصحيح أنّ للنبي -صلى الله عليه وسلم- حوضين، أحدهما في الموقف قبل الصراط, والآخر داخل الجنة, وكل منهما يسمىّّ كوثرًا, وتعقبه الشيخ ابن حجر" الحافظ أحمد العسقلاني "بأن الكوثر نهر لا حوض" داخل الجنة, وماؤه يصب في الحوض الذي في الموقف, ويطلق على الحوض كوثر" بالرفع نائب فاعل يطلق، وفي نسخة: بالنصب بتضمين يطلق، معنى: يسمَّى كوثرًا؛ "لكونه يمد منه، فغاية ما يؤخذ من كلام القرطبي أنَّ الحوض يكون قبل الصراط" لا أنهما حوضان؛ "لأن الناس يردون من الموقف عطاشًا، فيرد المؤمنون الحوض ويتساقط الكفار في النار بعد أن يقولوا: ربنا عطشنا فترفع لهم جهنم كأنها سراب" شعاع

الصفحة 304