كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

كما قاله في فتح الباري: تدفع تأويل من جمع بين مختلف الأحاديث في تقدير مسافة الحوض على اختلاف العرض والطول.
وفي حديث أبي سعيد عند ابن ماجه رفعه: إنّ لي حوضًا ما بين الكعبة وبيت المقدس.
وفي حديث أبي برزة عند الطبراني وابن حبان في صحيحه: "ما بين ناحيتي حوضي كما بين أيلة وصنعاء، مسيرة شهر, عرضه كطوله".
وفي حديث أنس عند الشيخين: "كما بين صنعاء والمدينة".
__________
وزاد مسلم من هذا الوجه "أي: الطريق الذي أخرجه منه البخاري: "وزواياه" أي: أركانه, "سواء" فهو مربع مستدير الأضلاع؛ لأن تساوي الزوايا يدل على تساوي الأضلاع.
قال بعضهم: وفيه دلالة على معرفته -صلى الله عليه وسلم- بسائر العلوم؛ لأن هذا من علم الهندسة والتكسير والحساب، وهو كقوله في الآخر: "طول وعرضه سواء"، قاله عياض: قيل: كون زواياه سواء لا يدل على تساوي الأضلاع, لولا قوله: "طوله كعرضه" , وعلى ذلك: فمسيرة الشهر لكل من طول وعرضه، قال الأبي: "وهذه الزيادة كما قاله في فتح الباري تدفع تأويل من جمع بين مختلف الأحاديث التالية في تقدير مسافة الحوض على اختلاف العرض والطول, فمسافة شهر مثلًا محمولة على طوله وأنقص منه على عرضه.
وفي حديث أبي سعيد عند ابن ماجه رفعه: "إن لي حوضًا" طوله "ما بين الكعبة وبيت المقدس"، وفي حديث أبي برزة" بفتح الموحدة والزاي بينهما راء ساكنة, واسمه: نضلة -بفتح النون وسكون المعجمة- ابن عبيد -بضم العين, "عند الطبراني وابن حبان في صحيحه" والحاكم وصحَّحه والبيهقي، قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "ما بين ناحيتي حوضي كما بين أيلة وصنعاء" بفتح المهملتين بينهما نون ساكنة, ممدود "مسيرة شهر, عرضه كطوله" فصرَّح بتساويهما، فلا يصح ذلك الجمع.
"وفي حديث أنس عند الشيخين" أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "إن قدر حوضي كما بين أيلة وصنعاء من اليمن"، هكذا لفظ حديث أنس عند الشيخين: وليس فيهما عنه "كما بين صنعاء والمدينة" وأيلة -بفتح الهمزة واللام بينهما تحتية ساكنة ثم هاء تانيث- مدينة كانت عامرة بطرف بحر القلزم من طرف الشام، وهي الآن خراب يمر بها الحاج من مصر, فتكون من شمالهم, ويمر بها الحاج من غزة وغيرها فتكون أمامهم، وإليها نسبت العقبة المشهورة عند أهل مصر، قال الحافظ: وبين أيلة والمدينة النبوية نحو شهر، يسير الأثقال إن اقتصروا كل يوم على

الصفحة 307