كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
وأما تفضيله -صلى الله عليه وسلم- بالشفاعة والمقام المحمود, فقد قال تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} اتفق المفسرون, على أن كلمة "عسى" من الله واجب، قال أهل المعاني: لأنَّ لفظة "عسى" تفيد الإطماع، ومن أطمع إنسانًا في شيء ثم أحرمه كان عارًا، والله تعالى أكرم من أن يطمع أحدًا في شيء ثم لا يعطيه ذلك.
وقد اختلف في تفسير المقام المحمود على أقوال:
أحدها: إنه الشفاعة. قال الواحدي: أجمع المفسِّرون على أنه مقام الشفاعة كما قال -صلى الله عليه وسلم- في هذه الآية: "هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي".
وقال الإمام ابن الخطيب: اللفظ مشعر بذلك؛ لأن الإنسان إنما يصير محمودًا إذا حمده حامد، والحمد إنما يكون على الإنعام، فهذا المقام المحمود يجب أن يكون مقامًا أنعم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قوم, فحمدوه على ذلك الإنعام،
__________
فتجده مشمِّر الإزار على ساقٍ يذود عنه, لا يأتي المنافقون, ذود غريبة الإبل, قول الصادق المصدوق، وقد خاب من افترى نقلهما في البدور, "وأمَّا تفضيله -صلى الله عليه وسلم- بالشفاعة والمقام المحمود" عطف مغاير؛ لأنه محل يقوم فيه للشفاعة يحتوي عليها، فلا ينافي المشهور أنه الشفاعة؛ لأن المضاف غير المضاف إليه، فهو يقوم مقامًا محمودًا للشفاعة, "فقد قال تعالى: {وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَكَ عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} [السراء: 79] "اتفق المفسرون على أن كلمة عسى" وسائر صيغ الترجي الواقعة "من الله" تعالى, أمر "واجب" ثابت محقق الوقوع, وأن مدلولها من الترجي ليس مرادًا في حقه تعالى.
"قال أهل المعاني: لأن لفظه عسى تفيد الإطماع، ومن أطمع إنسانًا في شيء ثم أحرمه كان عارًا" عرفًا يلام عليه, "والله تعالى أكرم من أن يطمع أحدًا في شيء ثم لا يعطيه ذلك" كيف وقد قال تعالى: {وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} [العلق: 3] ، وقال صلى الله عليه وسلم: "الأجود الله" , "وقد اختلف في تفسير المقام المحمود على أقوال: أحدها أنه الشفاعة، قال الواحدي" أبو الحسن علي, تلميذ الثعالبي: "أجمع المفسرون على أنه مقام الشفاعة، كما قال -صلى الله عليه وسلم- في تفسير "هذه الآية: "هو المقام الذي أشفع فيه لأمتي"، وقال الإمام" فخر الدين الرازي "ابن الخطيب:" بالري بلدة كان أبوه خطيبها بها: "اللفظ مشعر بذلك؛ لأن الإنسان إنما يصير محمودًا إذا حمده حامد، والحمد إنما يكون على الإنعام, فهذا المقام المحمود يجب أن يكون مقامًا أنعم فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على قوم، فحمدوه على ذلك الإنعام" وهو الشفاعة