كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
وذلك الإنعام لا يجوز أن يكون هو تبليغ الدين وتعليمهم الشرع؛ لأن ذلك كان حاصلًا في الحال. وقوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} يدل على أنه يحصل للنبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك المقام حمد بالغ عظيم كامل، ومن المعلوم أن حمد الإنسان على سعيه في التخلص عن العقاب أعظم من سعيه في زيادة من الثواب لا حاجة به إليها؛ لأن احتياج الإنسان في دفع الآلام العظيمة عن النفس فوق احتياجه إلى تحصيل المنافع الزائدة التي لا حاجة إلى تحصيلها.
وإذا ثبت هذا وجب أن يكون المراد من قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} هو الشفاعة في إسقاط العقاب على ما هو مذهب أهل السنة.
ولما ثبت أنَّ لفظ الآية مشعر بهذا المعنى إشعارًا قويًّا، ثم وردت الأخبار الصحيحة في تقرير هذا المعنى كما في البخاري من حديث ابن عمر قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المقام المحمود فقال: "هو الشفاعة". وفيه أيضًا عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن الناس يصيرون يوم القيامة جثًى, كل أمة تتبع نبيها يقولون: يا
__________
فيهم, "وذلك الإنعام لا يجوز أن يكون هو تبليغ الدين وتعليمهم الشرع؛ لأن ذلك كان حاصلًا في الحال" أي: وقت نزول الآية عليه في الدنيا, "وقوله تعالى: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} يدل على أنه يحصل للنبي -صلى الله عليه وسلم- في ذلك المقام حمد بالغ عظيم كامل"؛ لأن مدلولها الوعد بأمر مستقبل, "ومن المعلوم أن حمد الإنسان على سعيه في التخلص عن العقاب أعظم من سعيه في زيادة من الثواب, ولا حاجة به إليها" الواو للحال, وفي نسخة بلا واو, على أنَّ الجملة صفة, والنسختان بمعنًى؛ لأن الحال وصف في المعنى؛ "لأن احتياج الإنسان في دفع الآلام العظيمة عن النفس فوق احتياجه إلى تحصيل المنافع الزائدة التي لا حاجة إلى تحصيلها، وإذا ثبت هذا وجب أن يكون المراد من قوله: {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} هو الشفاعة في إسقاط العذاب على ما هو مذهب أهل السنة، و" جب أيضًا ذلك "لما" أي: لأجل ما ثبت أن لفظ الآية مشعر بذلك إشعارًا قويًّا" من جهة أنها وعد بشيء يحصل في المستقبل كما قدَّمه, "ثم وردت الأخبار الصحيحة في تقرير هذا المعنى" أي: إثباته "كما في البخاري من حديث ابن عمر، قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن المقام المحمود، فقال: "هو الشفاعة".
"وفيه" أي: البخاري أيضًا "عنه" أي: ابن عمر "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "إن الناس يصيرون يوم القيامة جُثًى" بضم الجيم وفتح المثلثة المخففة منونًا مقصورًا، قال الحافظ: جمع