كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
فلان اشفع لنا, حتى تنتهي الشفاعة إلي, فذلك المقام المحمود".
فإذا ثبت هذا، فيجب حمل اللفظ عليه, قال: ومما يؤكد هذا، الدعاء المشهور: وابعثه مقامًا محمودًا يغبطه فيه الأولون والآخرون.
ونصب قوله "مقامًا" على الظرفية، أي: وابعثه يوم القيامة فأقمه مقامًا محمودًا, أو على أنه مفعول به، وضمَّن معنى "ابعثه" معنى "أقمه", ويجوز أن يكون حالًا بعد حال، أي: ابعثه ذا مقام. قال الطيبي: وإنما نكره لأنه أفخم وأجزل، أي: مقامًا محمودًا بكل لسان. وقول النووي: "إن الرواية ثبتت بالتنكير، وأنه كأنه
__________
جثوة, كخطوة وخطى، وحكى ابن الأثير، أنه روي -بكسر المثلثة وشد التحتية- جمع جاثٍ, وهو الذي يجلس على ركبتيه.
وقال ابن الجوزي عن ابن الخشاب: إنما هو جثا -بفتح المثلثة وتشديدها- جمع جاثّ مثل غاز وغزا، أي: جماعات, "كل أمة تتبع نبيها يقولون: يا فلان اشفع لنا".
زاد الحافظ أبو ذر: يا فلان, اشفع لنا, "حتى تنتهي الشفاعة إلي" لفظ البخاري: إلى النبي -صلى الله عليه وسلم, زاد في رواية معلقة عنده في الزكاة: فيشفع ليقضي بين الخلق, "فذلك المقام المحمود"، لفظ البخاري: "فذلك يوم يبعثه الله المقام المحمود" فهذا ثابت من لفظ الحديث، فلا يكون جوابًا لما في قول الرازي ولما ثبت كما زعم، وإنما هي لما بالكسر والتخفيف كما قدمه, "فإذا ثبت هذا وجب حمل اللفظ عليه، قال" ابن الخطيب: ومما يؤكد وفي نسخة: يؤيد ومعناهما واحد "هذا" القول أن المراد الشفاعة "الدعاء المشهور" في الحديث المرفوع: "من قال حين يسمع النداء: اللهم رب هذه الدعوة التامة, والصلاة القائمة, آت محمدًا الوسيلة والفضيلة, وابعث مقامًا محمودًا الذي وعدته, حلت له شفاعتي يوم القيامة" "يغبطه فيه الأولون والآخرون تقدَّم أن المراد يستحسنه تجريدًا للغبطة عن بعض معناها؛ لأنها تمني مثل ما للغير من غير زواله عنه، وليس أحد يتمنى ذلك يومئذ؛ لعلمهم أنه خاص به.
"ونصب قوله: مقامًا على الظرفية، أي" وهو "وابعثه يوم القيامة فأقمه مقامًا محمودًا، أو على أنه مفعول به، وضمّن" بالبناء للمفعول أو الفاعل "معنى ابعثه معنى أقمه" والأولى أنه مفعول مطلق "ويجوز أن يكون حالا بعد حال، أي: ابعثه ذا مقام" عظيم.
"قال الطيبي: وإنما نكره لأنه أفخم وأجزل" أي: أعظم كأنه قيل: مقامًا، وأي مقام "أي مقامًا محمودًا بكل لسان" تكل عن أوصافه ألسنة الحامدين, ويشرف على جميع العالمين.
وقول النووي: إن الرواية في الحديث المعبر عنه أولًا بالدعاء المشهور: وابعثه مقامًا