كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
حكاية للفظ القرآن" متعقب بأنه جاء في هذه الرواية بعينها بالتعريف عند النسائي
قال ابن الجوزي: الأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة" وادعى الإمام فخر الدين الاتفاق عليه.
القول الثاني: قال حذيفة: يجمع الله الناس في صعيد واحد، فلا تكلم نفس، فأول مدعو محمد -صلى الله عليه وسلم- فيقول: "لبيك وسعديك والخير في يديك، والشر ليس إليك، والمهتدي من هديت، وعبدك بين يديك، وبك وإليك، ولا ملجأ منك إلا إليك، تباركت وتعاليت، سبحانك رب البيت" قال: فهذا هو المراد من قوله
__________
محمودًا "ثبت بالتنكير، وأنه كانه حكاية للفظ القرآن, متعقّب بأنه جاء في هذه الرواية بعينها بالتعريف عند النسائي" بلفظ: المقام المحمود، فالحديث يروى بالوجهين.
قال ابن الجوزي: الأكثر على أن المراد بالمقام المحمود الشفاعة" العظمى في فصل القضاء, "وادعى الإمام فخر الدين" الرازي "الاتفاق عليه", ولعله أراد اتفاق المفسرين كما تقدَّم عن الواحدي: أجمع عليه المفسرون, "والثاني: قال حذيفة" بن اليمان: "يجمع الله الناس في صعيد واحد فلا تكلم" بحذف إحدى التاءين, والأصل: فلا تتكلم نفس" بما ينفع وينجي من جواب أو شفاعة إلا بإذن الله، كقوله: {لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ} [النبأ: 38] وهذا في موقف, وقوله تعالى: {يَنْطِقُونَ، وَلَا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ} [المرسلات: 36] ، في موقف آخر, أو المأذونون فيه هي الجوابات الحقة, والممنوع منه هي الأعذار الباطلة.
قاله البيضاوي: "فأوّل مدعوّ محمد -صلى الله عليه وسلم، فيقول: "لبيك" إجابة لك بعد إجابة, "وسعديك" مساعدة بعد مساعدة, وهما من المصادر التي لا تستعمل إلا مضافة مثناة, "والخير في يديك, والشر ليس إليك" أي: لا يضاف إليك مخاطبة ونسبة تأدبًا؛ لأنه وإن كان بقضائه وقدره وخلقه لكن لا يحبه ولا يرضاه, بخلاف الخير فإنه بتقديره وإرادته ورضاه ومحبته جميعًا، فبالنظر إلى جانب المحبة والرضا يضاف إليه الخير، كما قال: بيدك الخير، وبالنظر إلى القدرة والخلق والإرادة يضاف إليه كلاهما كما قال سبحانه {قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّه} والمهدي كذا في نسخ صحيحة، وفي بعضها المهتدي بزيادة تاء والمذكور في الفتح المهدي بلا تاء من هديت, "وعبدك بين يديك".
وفي رواية النسائي: "عبدك وابن عبدك, وبك متمسك, وإليك راجع, ولا ملجأ" باللام, "ولا منجا منك" لأحد "إلا إليك".