كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

عن ابن مسعود أنه قال: يقعد الله تعالى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- على العرش، وعن مجاهد أنه قال: يجلسه معه على العرش.
قال الواحدي: وهذا قول رذل موحش فظيع، ونصّ الكتاب ينادي بفساد هذا التفسير، ويدل عليه وجوه.
الأول: إن البعث ضد الإجلاس، يقال: بعثت البارك والقاعد فانبعث، ويقال: بعث الله الميت, أي: أقامه من قبره، فتفسير البعث بالإجلاس تفسير الضد بالضد وهو فاسد.
والثاني: يوجب أنه تعالى لو كان جالسًا على العرش بحيث يجلس عنده محمد -صلى الله عليه وسلم- لكان محدودًا متناهيًا، ومن كان كذلك فهو محدث تعالى الله علوًّا كبيرًا.
والثالث: إنه تعالى قال: {مَقَامًا مَحْمُودًا} ولم يقل: مقعدًا, والمقام موضع
__________
ميمي لا اسم مكان, "وقيل: على الكرسي" بناءً على أنه غير العرش وهو الصحيح.
"وروي" عند الثعلبي "عن ابن مسعود أنه قال: يقعد" بضم أوله "الله تعالى محمدًا -صلى الله عليه وسلم- على العرش", وهذا له حكم الرفع؛ إذ لا دخل للرأي فيه, وابن مسعود ليس ممن يأخذ عن أهل الكتاب.
"وعن مجاهد أنه قال: يجلسه" الله "معه على العرش", أخرجه عنه عبد بن حميد وغيره, قال الواحدي: وهذا قول رذل" بذال معجمة, أي: رديء موحش منفر فظيع متجاوز الحد في القبح, ونص الكتاب أي: قوله {عَسَى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَحْمُودًا} "ينادي بفساد هذا التفسير، ويدل عليه" على فساده "وجوه".
الأول: إنَّ البعث ضد الإجلاس، يقال: بعثت البارك والقاعد فانبعث، ويقال: بعث الله الميّت, أي: أقامه من قبره، فتفسير البعث بالإجلاس تفسير الضد بالضد وهو فاسد" على هذا, إن كان مقصورًا على ما زعمه, وإلّا فقد قال الفارابي: بعثه إذا أهبه وبعث به وجهه, وقال الجوهري: بعثه وابتعثه بمعنًى، أي: أرسله، فالمعنى على هذا: عسى أن يرسلك مقامًا تجلس فيه على الكرسي أو العرش على هذا القول.
والثاني: يوجب أنه تعالى لو كان جالسًا على العرش؛ بحيث يجلس عنده محمد -صلى الله عليه وسلم؛ لكان محدودًا متناهيًا، ومن كان كذلك فهو محدث تعالى الله علوًّا كبيرًا" ويأتي رد هذا.
والثالث: إنه تعالى قال: {مَقَامًا مًحْمُودًا} ولم يقل: مقعدًا، والمقام موضع القيام

الصفحة 319