كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وقد جاءت الأحاديث التي بلغ مجموعها التواتر بصحة الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين, وعن أم حبيبة قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: أريت ما تلقى أمتي من بعدي، وسفك بعضهم دماء بعض، وسبق لهم من الله ما سبق للأمم قبلهم, فسألت الله أن يوليني فيهم شفاعة يوم القيامة ففعل".
وفي حديث أبي هريرة: "لكل نبي دعوة مستجابة يدعو بها, وأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة" وفي رواية أنس: "فجعلت دعوتي شفاعة لأمتي" , وهذا من مزيد شفقته علينا, وحسن تصرفه؛ حيث جعل دعوته المجابة في أهمّ أوقات حاجاتنا, فجزاه الله عنَّا أفضل الجزاء.
وعن أبي هريرة قلت: يا رسول الله, ماذا ورد عليك في الشفاعة؟ فقال: شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصًا يصدق لسانه قلبه.
__________
الأكثرين كما قدَّمته" وليس النزاع فيها, إنما هو في الشفاعة للمذنبين، ففي الاستبدال بالآية عنده شيء, "وقد جاءت الأحاديث التي بلغ مجموعها التواتر بصحة", أي: وقوع "الشفاعة في الآخرة لمذنبي المؤمنين", فلا معنى لإنكارها لحصول القطع بها, وأخرج الحاكم والبيهقي وصحَّحاه "عن أم حبيبة" أم المؤمنين "قالت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أريت" بضم الهمزة وكسر الراء- أي: أراني الله تعالى "ما تلقى أمتي من بعدي" بعد وفاتي, "وسفك بعضهم دماء بعض" أسقط من لفظه: فأحزنني, "وسبق لهم من الله" في علمه "ما سبق".
وفي رواية: وسبق لهم ذلك من الله كما سبق, "للأمم قبلهم، فسألت الله أن يوليني فيهم شفاعة يوم القيامة، ففعل" ذلك.
"وفي حديث أبي هريرة: "لكلّ نبي دعوة مستجابة يدعو بها, وأريد أن أختبئ" أدَّخر "دعوتي شفاعة لأمتي في الآخرة" تقدَّم شرحه في آخر المقصد التاسع.
"وفي رواية أنس" عد مسلم: "فجعلت دعوتي شفاعةً لأمتي" , وهذا من مزيد شفقته علينا, وحسن تصرفه؛ حيث جعل دعوته المجابة" على سبيل القطع, "في أهم أوقات حاجاتنا، فجزاه الله عنَّا أفضل الجزاء".
"وعن أبي هريرة: قلت: يا رسول الله, ماذا ورد عليك" من الوحي, ومنه الإلهام من الله, "في" شأن "الشفاعة، قال: "شفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله" أي: ومحمد رسول الله, "مخلصًا يصدق لسانه" بالرفع فاعل, "قلبه" مفعول، أي: يخبر لسانه عن صدق قلبه، فليس كالمنافقين الذين يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم ويجوز عكسه.

الصفحة 324