كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

إلى غيري، اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحًا -عليه السلام- فيقولون: يا نوح أنت أول الرسل بعث إلى أهل الأرض، وقد سماك الله عبدًا شكورًا، ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا، ألا تشفع لنا إلى ربك؟ فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولا يغضب بعده مثله، وإنه قد كانت لي دعوة، دعوت بها على قومي، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم -عليه السلام- فيقولون: أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه؟ فيقول لهم: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات، فذكرها، نفسي نفسي
__________
في حديث سليمان: فيقولون: "إلى من تأمرنا"، فيقول: "ائتوا عبدًا شاكرًا" , "اذهبوا إلى نوح، فيأتون نوحًا فيقولون: يا نوح, أنت أول الرسل بعث إلى" قومه من "أهل الأرض, وقد سماك الله" في كتابه "عبدًا شكورًا" أي: كثير الشكر حامدًا في جميع أحواله, "ألا ترى إلى ما نحن فيه، ألا ترى إلى ما بلغنا" بفتح الغين, "ألا تشفع لنا إلى ربك" حتى يريحنا من مكاننا, "فيقول" نوح: "إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب".
وفي رواية: "ولن يغضب بعده مثله" , أي: إنه ظهر من انتقاه من العصاة وأليم عقابه ما لم يكن قبل, ولا يوجد بعد, "وأنه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي" هي التي أغرق بها أهل الأرض، يعني: إن له دعوة واحدة محققة الإجابة, وقد استوفاها بدعائه على أهل الأرض، فيخشى أن يطلب فلا يجاب.
وفي حديث أنس عند الشيخين: "ويذكر خطيئته التي أصاب بها سؤاله ربه بغير علم" , فجمع بينهما بأنه اعتذر بأمرين، أحدهما: أنه استوفى دعوته المستجابة، وثانيهما: سؤاله ربه بغير علم، حيث قال: {إِنَّ ابْنِي مِنْ أَهْلِي} فخشي أن تكون شفاعته لأهل الموقف من ذلك, "نفسي نفسي نفسي" ثلاث مرات، أي: هي التي تستحق أن يشفع لها.
وفي رواية: مرتين, "اذهبوا إلى غيري" زاد في رواية سلمان: فيقولون إلى من تأمرنا، فيقول: "اذهبوا إلى إبراهيم" زاد في حديث أنس: خليل الرحمن, "فيأتون إبراهيم فيقولون" يا إبراهيم "أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض" لا ينفي وصف الخلة الثابت للمصطفى على وجهٍ أعلى من إبراهيم, "اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه، فيقول لهم: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله، وإني كنت كذبت ثلاث كذبات" بفتحات "فذكرها" لفظ البخاري، فذكرهنَّ أبو حيان في الحديث، أي: ذكرهنّ يحيى بن سعيد التيمي, تيم الرباب الراوي عن أبي زرعة، وانتصرهن من بعده في مسلم من طريق عمارة بن

الصفحة 327