كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى، فيأتون موسى -عليه السلام، فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضَّلك برسالته وبكلامه على الناس، ألا ترى ما نحن فيه، اشفع لنا إلى ربك، فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله, ولن يغضب بعده مثله، وإني قد قتلت نفسًا لم أومر بقتلها، نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى -عليه السلام- فيقولون: يا عيسى: أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، وكلَّمت الناس في المهد، ألا
__________
القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة، قال: وذكر قوله في الكوكب: هذا ربي، وقوله لآلهتهم: بل فعله كبيرهم هذا، وقوله: إني سقيم.
وفي حديث أبي سعيد قال -صلى الله عليه وسلم: "ما منها كذبة إلّا ما حلَّ بها عن دين الله" وما حلّ -بمهملة- جادل، وذكر أن الثالثة قوله لأمر: إنه حين أتى على الملك أخبريه أني أخوك, "نفسي نفسي نفسي" ثلاثًا.
وفي رواية: مرتين, "اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى" بيان لقوله: غيري, "فيأتون موسى فيقولون: يا موسى, أنت رسول الله, فضلك الله برسالاته" بالجمع عند مسلم، أمَّا البخاري فبالإفراد كما قال المصنف, "وبكلامه على الناس" عام مخصوص بغير المصطفى، فإن كلامه له ثابت على وجه أكمل من موسى كما مَرَّ في المعراج، ولا يلزم منه أن يشتق له من اسمه الكليم كموسى؛ إذ هو وصف غلب على موسى كالمحبَّة للمصطفى, "ألا ترى ما نحن فيه, اشفع لنا إلى ربك".
كذا في النسخ, والذي في الصحيحين: "اشفع لنا إلى ربك، ألا ترى ما نحن فيه"، زاد مسلم: "ألا ترى ما قد بلغنا, فيقول: إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله وإني قد قتلت نفسًا لم أؤمر" بضم الهمزة وسكون الواو بقتلها يريد القبطي المذكور في آية القصص، وإنما استعظمه واعتذر به؛ لأنه لم يؤمر بقتل الكفار، أو لأنه كان مؤمنًا فيهم، فلم يكن له اغتياله ولا يقدح في عصمته لكونه خطأ, وعدَّه من عمل الشيطان في الآية، وسمَّاه ظلمًا, واستغفر منه على عادتهم في استعظام محقرات فرطت منهم, وإن لم تكن ذنبًا.
وفي حديث أنس عند سعيد بن منصور: إني قتلت نفسًا بغير نفس, وأن يغفر لي اليوم، حسبي "نفسي نفسي نفسي" ثلاثًا، وفي رواية: مرتين "اذهبوا إلى غيري, اذهبوا إلى عيسى، فيأتون عيسى فيقولون: يا عيسى, أنت رسول الله, وكلمته ألقاها إلى مريم" أي: أوصلها إليها وجعلها فيها, "وروح" صدر منه لا يتوسّط ما يجري مجرى الأصل والمادة له, "وكلمت الناس