كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

سوى ذلك من الأبواب". الحديث رواه البخاري ومسلم.
قال في فتح الباري: وقد استشكل قولهم لنوح: "أنت أول الرسل من أهل الأرض" فإن آدم نبي مرسل، وكذا شيث وإدريس، وهم قبل نوح.
ومحصل الأجوبة عن ذلك: إن الأوَّلية مقيدة بقوله: "أهل الأرض"؛ لأنَّ آدم ومن ذكر معه لم يرسلوا إلى أهل الأرض، أو أنَّ الثلاثة كانوا أنبياء ولم يكونوا رسلًا، وإلى هذا جنح ابن بطال في حق آدم. وتعقَّبه القاضي عياض ما صحَّحه ابن حبان من حديث أبي ذر، فإنه كالصريح في أنه كان مرسلًا، وفيه التصريح بإنزال الصحف على شيث وهو من علامات الإرسال. وأمَّا إدريس فذهبت طائفة إلى أنه
__________
من الأبواب" يعني: لا يلجئون إلى الدخول من الأيمن، بل إن شاءوا الدخول من غيره دخلوا وإن خصوا بالباب الأيمن دون غيرهم.
قال القرطبي: وهذا يدل على أنه -صلى الله عليه وسلم- شفع فيما طلب من تعجيل حساب أهل الموقف، فإنه لما أمر بإدخال من لا حساب عليه من أمته, شرع في حساب من عليه حساب من أمته وغيرهم.
"الحديث" تمامه، ثم قال: "والذي نفسي بيده, إن بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر، أو كما بين مكة وبصرى".
"رواه البخاري" في مواضع "ومسلم" في الإيمان، وروياه أيضًا من حديث أنس, وفيه تكرار السجود أربع مرات، وجاء من حديث صحابة أخر مطولًا ومختصرًا، ساقها في البدور بألفاظها.
"قال في فتح الباري: وقد استشكل قولهم لنوح: أنت أوّل الرسل من أهل الأرض بأن آدم نبي مرسل، وكذا شيث" ابنه, "وإدريس, وهم قبل نوح", إلّا أنَّ في كون إدريس قبله خلافًا "فمحصّل الأجوبة عن ذلك أنَّ الأولية مقيدة بقوله: أهل الأرض؛ لأن آدم ومن ذكر معه" شيث وإدريس "لم يرسلوا إلى أهل الأرض" وإنما أرسلوا إلى بعض أهلها, ويلزم على ذلك عموم رسالة نوح.
وأجيب بأنه بصدد أن يبعث في زمنه غيره بخلاف نبينا -صلى الله عليه وسلم, وبغير ذلك مما سبق, "أو أن الثلاثة كانوا أنبياء ولم يكونوا رسلًا، وإلى هذا جنح" مال "ابن بطّال في حق آدم, وتعقّبه القاضي عياض بما صحَّحه ابن حبان من حديث أبي ذر, فإنه كالصريح في أنه كان مرسلًا" ولفظه قلت: يا رسول الله, كم الرسل منهم، أي: الأنبياء؟ قال: "ثلاثمائة وثلاثة عشر جم غفير"، قلت: من كان أولهم؟ قال: "آدم" وفيه التصريح بإنزال الصحف على شيث -بكسر المعجمة وإسكان الياء ومثلثة- وذلك من علامات الإرسال".

الصفحة 331