كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
انتظر أمتي عند الصراط، إذ جاء عيسى فقال: يا محمد، هذه الأنبياء قد جاءتك يسألونك لتدعو الله أن يفرق جمع الأمم إلى حيث شاء لعظم ما هم فيه".
فأفادت هذه الرواية تعيين موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- حينئذ، وأنَّ هذا الذي وصف من كلام أهل الموقف كله يقع عند نصب الصراط بعد تساقط الكفار في النار، وأنَّ عيسى هو الذي يخاطب نبينا -صلى الله عليه وسلم، وأنَّ جميع الأنبياء يسألونه في ذلك.
وفي حديث سلمان عند ابن أبي شيبة: "يأتون محمدًا فيقولون: يا نبي الله، أنت فتح الله بك وختم بك، وغفر لك ما تقدَّم من ذنبك وما تأخَّر، وجئت في هذا اليوم، وترى ما نحن فيه, فقم فاشفع لنا إلى ربك، فيقول: أنا صاحبكم، فيجوس الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة".
فإن قلت: ما الحكمة في انتقاله -صلى الله عليه وسلم- من مكانه إلى الجنة.
أجيب: بأنَّ أرض الموقف لما كانت مقام عرض وحساب كانت مقام مخافة وإشفاق, ومقام الشافع يناسب أن يكون في مكان إكرام.
__________
الجميع، مات سنة بضع ومائة "عن أبيه قال: حدَّثني نبي الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "إني لقائم أنتظر أمتي عند الصراط؛ إذ جاء عيسى فقال: يا محمد, هذه الأنبياء قد جاءتك يسألونك لتدعو الله" اللام لام السؤال، وفي نسخ: لتدعو بالواو, فاللام للتعليل, "أن يفرق جمع الأمم إلى حيث شاء لعظم ما هم فيه" من الغم والكرب, "فأفادت هذه الرواية تعيين موقف النبي -صلى الله عليه وسلم- حينئذ" وهو عند الصراط, "وأن هذا الذي وصف من كلام أهل الموقوف كله يقع عند نصب الصراط بعد تساقط وقوع الكفار في النار، وأنَّ عيسى هو الذي يخاطب نبينا -صلى الله عليه وسلم، وأنَّ جميع الأنبياء يسألون في ذلك، وفي حديث سلمان" الفارسي عند ان أبي شيبة: "يأتون محمدًا فيقولون: يا نبي الله, أنت فتح الله بك" كل خير, "وختم" بك النبيين "وغفر لك ما تقدَّم وما تأخر, وجئت في هذا اليوم وترى ما نحن فيه" من شدة الهول "فقم فاشفع لنا إلى ربك، فيقول: أنا صاحبكم" المعين للشفاعة.
وفي رواية: "أنا لها أنا لها" , "فيجوس" بالجيم، وقيل: بالحاء, وهما بمعنى, أي: يتخلل "الناس حتى ينتهي إلى باب الجنة" , فإن قلت: ما الحكمة في انتقاله -صلى الله عليه وسلم- من مكانه إلى الجنة, أجيب بأنَّ أرض الموقف لما كانت مكان عرض وحساب, كانت مكان مخافة وإشفاق" عطف مساوٍ, ومقام الشافع يناسب أن يكون في مقام إكرام" لعلو مقامه.