كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
ثم يفتح الله علي من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي، ثم يقال: يا محمد، ارفع رأسك". الحديث.
وفي رواية البخاري من حديث قتادة عن أنس: "ثم أشفع، فيحد لي حدًّا، ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة".
قال الطيبي: أي يبين لي كل طور من أطوار الشفاعة حدًّا أقف عنده فلا أتعداه، مثل أن يقول: شفعتك فيمن أخلَّ بالجماعة، ثم فيمن أخلَّ بالصلاة، ثم فيمن شرب الخمر، ثم فيمن زنا، وهكذا على هذا الأسلوب، والذي يدل عليه سياق الأخبار أنَّ المراد به تفصيل مراتب المخرَجَين في الأعمال الصالحة، كما وقع عند أحمد عن يحيى القطَّان عن سعيد بن أبي عروبة.
__________
لربي، ثم يفتح الله عليَّ من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي" ولا يحمده به أحد بعدي كما رأيت؛ لأنه لا يفتحه عليه فهو من خصائصه, "ثم يقال: يا محمد, إرفع رأسك...." الحديث. فصرَّح بأنه يحمده في السجود، وطريق الجمع ما رأيت أنه يلهمه في المواضع الثلاث.
"وفي رواية البخاري من حديث قتادة عن أنس عقب قوله: "فأحمد ربي بتحميد يعلمني, ثم أشفع فيحِدّ" بفتح التحتية وضم الحاء المهملة، أي: يبين "لي حدًّا, ثم أخرجهم من النار وأدخلهم الجنة" , "ثم أعود فأقع ساجدًا مثله في الثالثة أو الرابعة حتى أقول: يا رب ما بقي إلّا من حبسه القرآن"، هذا بقية الحديث في البخاري.
وأخرجه مسلم أيضًا، وفي رواية لهما من وجه آخر عن أنس: بالجزم بتكرار الشفاعة أربع مرات.
"قال الطيبي:" في معنى يحِدّ "أي: يبين لي كل طور" أي: في كل طور "من أطوار الشفاعة" الأربع, "حدًّا أقف عنده فلا أتعداه، مثل أن يقول: شفَّعتك فيمن أخلّ بالجماعة" في الحد الأول, "ثم فيمن أخلَّ بالصلاة" في الثاني, "ثم فيمن شرب الخمر" في الثالث, "ثم فيمن زنى" في الرابع, "وهكذا على هذا الأسلوب" يعني: أربعة أنواع من المعاصي يعين له في كل طور واحد منها لا يتعدّاه إلى غيره، وهذا أيضًا لقوله: مثل أن يقول, وإشارةً إلى أنه لا يتعين, وإنما هو تقريب للفهم.
ولكن تعقَّبه الحافظ، بأنَّ "الذين يدل عليه سياق الأخبار، أنَّ المراد به تفصيل" بصاد مهملة، أي: تبيين "مراتب المخرجين في الأعمال الصالحة, كما وقع عند أحمد عن" شيخه "يحيى" بن سعيد "القطان، عن سعيد بن أبي عروبة" مهران، عن قتادة في هذا الحديث بعينه.