كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
حذيفة وأبي هريرة: "فيأتون محمدًا فيقوم, فيؤذن له في الشفاعة، وترسل معه الأمانة والرحم, فيقومان جنبتي الصراط يمينًا وشمالًا"، أي: يقفان في ناحيتي الصراط. قال القاضي عياض: فبهذا ينفصل الكلام، لأنَّ الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها هي لإراحة الناس من كرب الموقف، ثم تجيء الشفاعة في الإخراج. انتهى.
والمعنى في قيام الأمانة والرحم أنها لعظم شأنهما، ومخافة ما يلزم العباد من رعاية حقها، يوقفان للأمين والخائن، وللواصل والقاطع، فيحاجَّان عن المحق، ويشهدان على المبطل.
وقد وقع في حديث أبي هريرة بعد ذكر الجمع في الموقف, الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد، ثم تمييز المنافقين من المؤمنين، ثم حلول الشفاعة بعد وضع الصراط والمرور عليه، فكأنَّ الأمر باتباع لكل أمة ما كانت تعبد هو أول
__________
مسلم عقب ما قدمته، فيأتون موسى فيقول: "لست بصاحب ذلك، اذهبوا إلى عيسى كلمة الله وروحه، فيقول عيسى: لست بصاحب ذلك" , "فيأتون محمدًا" الحبيب, صاحب القرب الأعظم, الخليل لا من وراء وراء, بل مع الكشف والعيان, "فيقوم فيؤذن له في الشفاعة, وترسل معه الأمانة والرحم" يصوَّران بصفة شخصين على الصفة التي يريدها الله تعالى, "فيقومان جنبتي الصراط" بفتح الجيم والنون والموحدة ويجوز سكون النون، وأنكر ابن جني فتحها, "يمينًا وشمالًا".
"قال القاضي عياض: فبهذا ينفصل الكلام" قال الأبي: يعني أنَّ الراوي أسقط ذلك من هذا الطريق؛ "لأن الشفاعة التي لجأ الناس إليه فيها هي الإراحة للناس من كرب الموقف، ثم تجيء" بعدها الشفاعة في الإخراج" من النار "انتهى".
قال الأبي: ويحتمل أن يكون شفع في الأمرين، واكتفى في حديث أنس بشفاعة الإخراج؛ لأنها تستلزم الأخرى؛ لأن الإخراج فرع وقوع الحساب فيه. انتهى.
ويؤيده رواية البزار، فأقول: "يا رب عجّل على الخلق الحساب" , "والمعنى في قيام الأمانة والرحم أنهما لعظم شأنهما ومخافة ما يلزم العباد من رعاية حقهما يوقفان للأمين والخائن, وللواصل والقاطع, فيحاجان عن المحقِّ, ويشهدان على المبطل".
وفي شرح مسلم للمصنف: ليطالبا من يريد الجواز على الصراط، فمن وفَّى بحقهما عاوناه على الجواز وإلّا تركاه، ثم عاد المصنف لذكر بقية كلام عياض، وهو "وقد وقع في حديث أبي هريرة", وفي الصحيحين مطولًا بعد ذكر الجمع في الموقف الأمر باتباع كل أمة ما كانت تعبد، ثم تمييز المنافقين من المؤمنين، ثم حلول الشفاعة بعد وضع الصراط