كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ, وَنَفَخَ فِيكَ مِنْ رُوحِهِ, وَأَمَرَ الْمَلَائِكَةَ فسجدوا لك, فاشفع لنا عند ربك, فيقول: لست هناكم، ويذكر خطيئته، ائتوا نوحًا"، وذكر إتيانهم الأنبياء واحدًا واحدًا، إلى أن قال: "فيأتوني، فأستأذن على ربي، فإذا رأيته وقعت ساجدًا, فيدعني في السجود ما شاء الله, ثم يقال لي: ارفع رأسك، سل تعطه, وقل يسمع, واشفع تشفَّع، فأرفع رأسي فأحمد ربي بتحميد يعلمني" الحديث.
وأما الثانية: وهي إدخال قوم الجنة بغير حساب، فيدل عليهما ما في آخر حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم الذي قدَّمته, "فأرفع رأسي فأقول: يا رب
__________
آدَمَ فَيَقُولُونَ: أَنْتَ الَّذِي خَلَقَكَ اللَّهُ بِيَدِهِ" بقدرته, وهو تنبيه على أنَّ خلقه ليس كخلق بنيه من تقلبهم في الأرحام وغير ذلك من الوسائط، وإلّا فكل شيء بقدرته تعالى, "ونفخ فيك من روحه" إضافة خلق وتشريف، زاد في رواية: "وأسكنك جنته, وعلمك أسماء كل شيء" ووضع شيء موضع أشياء، أي: المسميات؛ كقوله تعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا} [البقرة: 31] أي: أسماء المسميات, "وأمر الملائكة فسجدوا لك" سجود خضوع لا سجود عبادة, "فاشفع لنا عند ربنا" حتى يريحنا من مكاننا هذا "فيقول: "لست هناكم" بضم الهاء وخفة النون، أي: لست في المكانة والمنزلة التي تحسبونني, يريد به مقام الشفاعة, قاله تواضعًا وإكبارًا لما سألوه, أو إشارة إلى أنَّ هذا المقام ليس لي بل لغيري، ويؤيده قوله في حديث حذيفة: "لست بصاحب ذاك, ويذكر خطيئته" التي أصابها اعتذارًا عن التقاعد عن الشفاعة, "ائتوا نوحًا".
"وذكر إتيانهم الأنبياء" الأربعة "واحدًا واحدًا" بنحو ما سبق في حديث أبي هريرة, "إلى أن قال: "فيأتوني" بإشارة عيسى.
زاد في رواية الشيخين: "فأقول: أنا لها أنا لها, فأستأذن على ربي" , زاد في رواية للبخاري وغيره: في داره, فيؤذن, أي: في دخولها, وهي الجنة, أضيفت إلى الله تعالى إضافة تشريف, "فإذا رأيته" تعالى "وقعت" حال كوني "ساجدًا, فيدعني في السجود ما شاء الله" زاد مسلم: أن يدعني، وللطبراني في حديث عبادة: "فإذا رأيته خررت له ساجدًا شكرًا له" , "ثم يقال لي: ارفع رأسك" على لسان جبريل كما مَرَّ, "سل تعطه" بهاء السكت، ويحتمل أنها ضمير، أي: سل ما شئت تعط سؤالك, "وقل يسمع" بتحتية, أي: قولك, "واشفع تشفع" تقبل شفاعتك, "فأرفع رأسي, فأحمد ربي بتحميد يعلمني".
وفي رواية مسلم: يعلمنيه..... "الحديث" ذكر في بقيته: "ثم أشفع, فيُحِدُّ لي" إلى آخر ما مَرَّ, "وأمَّا الثانية: وهي إدخال قوم الجنة بغير حساب، فيدل عليها ما في آخر حديث أبي هريرة عند البخاري ومسلم الذي قدمته" وهو قوله: "فأرفع رأسي فأقول: يا رب أمتي, يا رب

الصفحة 342