كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وشفاعة أخرى وهي شفاعته فيمن قال: "لا إله إلا الله" ولم يعمل خيرًا قط، لرواية الحسن عن أنس: "فأقول: يا رب, ائذن لي في الشفاعة فيمن قال: لا إله إلا الله، قال: ليس ذلك لك، ولكن وعزَّتي وكبريائي وعظمتي لأخرجنَّ من النار من قال: لا إله
__________
عدول يوم القيامة الذين يشهدون على الناس وهم من كل أمة، السابع: فئة من الأنبياء، الثامن: قوم لهم صغائر لهم تكفَّر عنهم بالآلام, والمصائب في الدنيا, ولا كبائر لهم، فوقفوا لينالهم بالحبس غم يقابل صغائرهم، التاسع: أصحاب الذنوب العظام من أهل القبلة، العاشر: أولاد الزنا, الحادي عشر: ملائكة موكلون بهذا السور يميزون الكافرين من المؤمنين قبل إدخالهم الجنة والنار، الثاني عشر: هم العباس وحمزة وعلي وجعفر. انتهى كلام القرطبي.
قال السيوطي: القول الخامس والثامن يمكن اجتماعهما مع الأوّل، لأنَّ المدار في كل على تساوي الحسنات والسيئات، فتجتمع الأحاديث كلها ويقطع بترجيحه, "وشفاعة أخرى: وهي شفاعته -صلى الله عليه وسلم- فيمن قال: لا إله إلا الله" محمد رسول الله؛ لأنها علم عليهما شرعًا, "ولم يعمل خير قط لحديث الحسن" البصري "عن أنس" بن مالك في الصحيحين: "ثم أرجع إلى ربي في الرابعة، فأحمده بتلك المحامد، ثم أخر ساجدًا، فيقال: ارفع رأسك, وقل يسمع لك، وسل تعطه, واشفع تشفع, فأقول: يا رب ائذن لي في الشفاعة فيمن قال: لا إله إلا الله".
قال الحميدي: يعني: من قالها من أمته، وقال أبو طالب عقيل بن أبي طالب: يحتمل ذلك, ويحتمل من قالها من كل أمة، ويؤيده طلبه الإذن في الشفاعة؛ لأنه أذن له في الشفاعة في أمته؛ لأنه إنما يقدم عليها بإذنه, قال تعالى: {مَنْ ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلَّا بِإِذْنِهِ} [البقرة: 55] ، وحالات المشفوع فيه أربع: من عنده مثقال برة، ومن عنده مثقال ذرة، ومن عنده أدنى ذرة، والرابعة: من قال: لا إله إلا الله محمد رسول الله مرة واحدة صدقًا من قلبه، ثم غفل عن استصحابها. قال الحميدي: لأنه إن قالها مرتين، فالثانية خير زائد على الإيمان يرجع إلى أحد المقادير الأول, "قال: ليس ذلك لك" وإنما أفعله تعظيمًا لاسمي, وإجلالًا لتوحيدي، ولا يقال: أطلق تعالى في السؤال ووعده الإعطاء, ووعده تعالى صدق؛ لأنه إنما وعد ما يمكن إعطاؤه, وهذا غير ممكن؛ لأنه مما استأثر الله به، وإنما سأله المصطفى ظنًّا أن إعطاءه ممكن؛ لأنه وإن علمه في الدنيا فيجوز أن ينساه في الآخرة لجواز النسيان عليه، ولا سيما ذلك اليوم، وقد يتعيِّن هذا؛ لأنه لا يجوز أن نبيًّا يسأل ما يعلم أنه لا يمكن، قاله أبو عبد الله الأبي, "ولكن وعزَّتي" غلبتي على الجبارين وقهري لهم, "وكبريائي" عبارة عن كمال يقتضي ترفعًا على الغير، ولذا حرَّم في حق المخلوق ووجب لله؛ لأن له الكمال المطلق, وأصله من كِبَر السن أو كبر الجرم, "وعظمتي" بمعنى الكبرياء، لكنها لا تقضي تعظمًا على الغير كما يقتضيه الكبرياء؛ ولأنها تستعمل

الصفحة 347