كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

إلا الله".
فالوارد على الخمسة أربعة، وما عداها لا يرد، كما لا ترد الشفاعة في التخفيف عن صاحبي القبرين وغير ذلك؛ لكونه من جملة أحوال الدنيا. انتهى.
فإن قلت: فأي شفاعة ادَّخرها -صلى الله عليه وسلم- لأمته؟ أمَّا الأولى: فلا تختص بهم, بل هي لإراحة الجمع كلهم، وهي المقام المحمود كما تقدَّم، وكذلك باقي الشفاعات, الظاهر أنه يشاركهم فيها بقية الأمم.
فالجواب: إنه يحتمل أنَّ المراد الشفاعة العظمي التي للإراحة من هول الموقف, وهي وإن كانت غير مختصة بهذه الأمَّة, لكن هم الأصل فيها، وغيرهم تبع لهم، ولهذا كان اللفظ المنقول عنه -صلى الله عليه وسلم- فيها أنه قال: "يا رب أمتي أمتي"
__________
فيما لا يستعمل فيه التعاظم، فيقال: كبير السن ولا يقال عظيمه.
زاد في رواية مسلم: "وجبريائي" بكسر الجيم لموازاة كبريائي, كما قالوا: الغدايا والعشايا, والأصل: وجبروتي, وهو العظمة والسلطان والقهر, "لأخرجنَّ" بفضلي بغير شفاعة "من النار من قال: لا إله إلا الله" من كل أمة، والظاهر أنَّه لا يأتي هنا احتمال التخصيص بالمحمدية, "فالوارد" أي: الزائد لا أنه يعترض بها "على الخمسة أربعة" هي الشفاعة في أبي طالب, وزائر القبر الشريف, ومجيب المؤذن, ومن استوت حسناته وسيئاته, ولم يعد زيادة القرطبي أنه أوّل شافع في دخول أمته الجنة قبل الناس، كأنه لأنها ليست بذاتها شفاعة, وإنما خص بأوليتها, "وما عداها لا يرد كما لا ترد الشفاعة في التخفيف عن صاحبي القبرين" اللذين مَرَّ عليهما النبي -صلى الله عليه وسلم, فسمع صوتهما، فقال: "يعذبان وما يعذبان في كبير"، ثم قال: "بلى, كان أحدهما لا يستبرئ من بوله, وكان الآخر يمشي بالنميمة"، ثم دعا بجريدة فكسرها كسرتين، فوضع على كل قبر منهما كسرة، وقال: "لعله يخفف عنهما ما لم تيبسا" كما في الصحيحين, "وغير ذلك, لكونه من جملة أحوال الدنيا. انتهى" كلام الحافظ.
"فإن قلت: فأي شفاعة ادَّخرها -صلى الله عليه وسلم- لأمته، أمَّا الأولى: فلا تختص بهم، بل هي لإراحة الجمع" أي: جمع الخلق كلهم من هول الموقف, وهي المقام المحمود كما تقدَّم، وكذلك باقي الشفاعات, الظاهر أنه يشاركهم" أي: أمته, "فيها بقية الأمم, فالجواب أنه يحتمل أنَّ المراد الشفاعة العظمى التي للإراحة من هول الموقف، وهي وإن كانت غير مختصَّة بهذه الأمة، لكن هم الأصل فيها وغيرهم تبع لهم" فيها, "ولهذا كان اللفظ المنقول عنه -صلى الله عليه وسلم- فيها" في الشفاعة العامة "أنه قال: "يا رب أمتي أمتي" بناءً على إبقائه على ظاهره،

الصفحة 348