كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
فدعا لهم, فأجيب، وكان غيرهم تبعًا لهم في ذلك، ويحتمل أن تكون الشفاعة الثانية، وهي التي في إدخال قوم الجنة بغير حساب, هي المختصة بهذه الأمة، فإنَّ الحديث الوارد فيها: "يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفًا بغير حساب" الحديث. ولم ينقل ذلك في بقية الأمم، ويحتمل أن يكون المراد مطلق الشفاعة المشتركة بين الشفاعات الخمس. وكون غير هذه الأمة يشاركونهم فيها أو في بعضها, لا ينافي أن يكون -صلى الله عليه وسلم- أخَّرَ دعوته شفاعة لأمته، فلعله لا يشفع لغيرهم من الأمم, بل يشفع لهم أنبياؤهم, ويحتمل أن تكون الشفاعة لغيرهم تبعًا كما تقدَّم مثله في الشفاعة العظمى، والله أعلم بالشفاعة التي ادَّخرها لأمته.
__________
وأنه لا تقصير فيه من الراوي ولا وهم, "فدعا لهم فأجيب, وكان غيرهم تبعًا لهم في ذلك, وهذا يصلح جوابًا عن إشكال الداودي السابق.
ويحتمل أن تكون الشفاعة الثانية, وهي التي في إدخال قوم الجنة بغير حساب هي المختصة بهذه الأمة, فإن الحديث الصحيح الوارد فيها: "يدخل من أمتي الجنة سبعون ألفًا بغير حساب...." الحديث في الصحيحين عن ابن عباس مطولًا، وللترمذي وحسَّنه عن أبي أمامة رفعه: "وعدني ربي أن يدخل الجنة من أمتي سبعين ألفًا لا حساب عليهم وا عذاب, مع كل ألف سبعون ألفًا, وثلاث حثيات من حثيات ربي" , ولأحمد وأبي يعلى عن الصديق رفعه: "فاستزدت ربي فزادني مع كل واحد سبعين ألفًا" , وللطبراني والبيهقي عن عمرو بن حزم الأنصاري رفعه: "فأعطاني مع كل واحد من السبعين ألفًا سبعين ألفًا، قلت: رب وتبلغ أمتي هذا؟ قال: أكمل لك العدد من الأعراب"، ولأحمد والبزار والطبراني عن عبد الرحمن بن أبي بكر رفعه: "إن ربي أعطاني سبعين ألفًا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب" فقال عمر: فهلّا استزدته؟ قال: "قد استزدته, فأعطاني ألفًا من أمتي يدخلون الجنة بغير حساب" فقال عمر: فهلّا استزدته؟ قال: "قد استزدته، فأعطاني مع كل رجل سبعين ألفًا"، قال عمر: فهلّا استزدته؟ قال: "قد استزدته, فأعطاني، هكذا وفرج بين يديه وبسط باعيه وحثا"، وللطبراني بسند جيد رفعه: "إن في أصلاب أصلاب أصلاب رجال من أصحابي رجالًا ونساء يدخلون الجنة بغير حساب"، وظاهر أن لا تعارض؛ لأنه أخبر سبعين ألفًا قبل الاستزادة, فلمَّا حصلت أخبر بها, ولم ينقل ذلك" أي: مثله "في بقية الأمم" فيقوى احتمال أنها الشفاعة التي ادَّخرها لأمته.
ويحتمل أن يكون المراد مطلق الشفاعة المشتركة بين الشفاعات الخمس, وكون غير هذه الأمة يشاركونهم فيها" كلها, "أو في بعضها لا ينافي أن يكون -عليه السلام- أخَّر دعوته شفاعةً لأمته, فلعله لا يشفع لغيرهم من الأمم, بل يشفع لهم أنبياؤهم.
ويحتمل أن تكون الشفاعة لغيرهم تبعًا كما تقدَّم مثله في الشفاعة العظمى والله أعلم