كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وللنسائي مرفوعًا: "أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة، وأول ما يقضى بين الناس في الدماء".
وفي البخاري عن عليّ بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: "أنا أول من يجثو يوم القيامة بين يدي الرحمن للخصومة"، يريد قصته في مبارته هو وصاحباه الثلاثة من كفار قريش, قال أبو ذر: وفيهم نزلت {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] .
وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع: عن عمره فيما أفناه، وعن علمه فيما عمل فيه، وعن ماله
__________
تعظم بحسب عظم المفسدة الواقعة بها، أو بحسب فوات المعصية المتعلقة بعدمها, وهدم البنية الإنسانية من أعظم المفاسد.
قال بعض المحققين: ولا ينبغي أن يكون بعد الكفر أعظم منه "رواه البخاري" في الرقاق والديات, ومسلم في الحدود عن ابن مسعود، قال النبي -صلى الله عليه وسلم: "أول ما يقضى بين الناس في الدماء" , ولبعض رواة البخاري: بالدماء -بموحدة بدل في- ولما احتمل اللفظ من حيث هو أنَّ الأولية خاصَّة بما يقع الحكم فيه بين الناس, وأنها أولية مطلقًا، وجاء ما يؤيد الأول، أتبعه به فقال: "وللنسائي" عن ابن مسعود مرفوعًا: "أول ما يحاسب عليه العبد" الإنسان حرًّا أو عبدًا, ذكرًا أو أنثى "الصلاة"؛ لأنها أمَّ العبادات وأول الواجبات بعد الإيمان, "وأول ما يقضى بين الناس في الدماء"؛ لأنها أكبر الكبائر بعد الكفر ولا تناقض؛ لأن هذا في حق الخلق، والصلاة في حق الحق.
قال الحافظ العراقي: وظاهر الأخبار أنَّ لذي يقع أولًا المحاسبة على حق الله, "وفي البخاري عن علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- أنه قال: أنا أوّل من يجثو يوم القيامة بين يدي الرحمن للخصومة, يريد" على "قصته في مبارزته" بإضافة المصدر للفاعل, "هو وصاحباه حمزة وعبيدة بن الحارث المطلبي, الثلاثة بالنصب مفعول مبارزة من كفار قريش, وهم شيبة بن ربيعة, وأخوه عتبة -بضم المهملة وإسكان الفوقية- وابنه الوليد بن عتبة، ومرت قصتهم في بدر, وتصحف اسم عتبة في عبارة بعتيبة، فحيرت من رآها.
"قال أبو ذر: وفيهم نزلت: {هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ} [الحج: 19] ومَرَّ أن الثلاثة الكفار قتلوا, وأن عبيدة الصحابي استشهد.
وعن أبي هريرة" الذي في الترمذي, عن أبي برزة الأسلمي "قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "لا تزول قدما عبد" عن الموضع الذي هو واقف فيه, "يوم القيامة, حتى يسأل عن أربع: عن

الصفحة 351