كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
من أين اكتسبه وفيما أنفقه، وعن جسمه فيما أبلاه" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
وفي البخاري من حديث عائشة أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "من نوقش الحساب عذّب".
وروى البزار عن أنس بن مالك عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يخرج لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين: ديوان فيه العمل الصالح، وديوان فيه ذنوبه، وديوان فيه النعم
__________
عمره فيما أفناه" طاعة أم عصيان, "وعن علمه فيما عمل به" هل أخلص فيه لله تعالى أم لا، كذا في النسخ, والذي في الترمذي: "علمه ما عمل فيه" , وله من رواية ابن مسعود: "وماذا عمل فيما علم" , "وعن ماله من أين اكتسبه" من حلال أو حرام أو شبهة, "وفيما أنفقه" أفي وجوه الطاعات أو ضدها, "وعن جسمه فيما أبلاه" أي: أفناه.
وفي رواية ابن مسعود: "وعن شبابة فيما أبلاه" , "رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح" لكن عن أبي برزة الأسلمي لا عن أبي هريرة.
ورواه أيضًا عن ابن مسعود مرفوعًا بلفظ: "لا تزول قدما ابن آدم يوم القيامة من عند ربه حتى يسأل عن خمس: عن عمره فيما أفناه, وعن شبابه فيما أبلاه, وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه, وماذا عمل فيما علم"، وعدها تارة أربعًا وأخرى خمسًا بالاعتبار؛ لأن السؤال عن المال كسبًا وإنفاقًا يعد مرة أو مرتين.
وفي البخاري في العلم والرقاق ومسل "من حديث عائشة, أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من مبتدأ موصول "نوقش" بضم أوله وكسر القاف صلة الموصول "الحساب" نصب على المفعولية, أي: من ناقشه الله، أي: استقصى حسابه, "عُذِّب" بضم أوله مبني للمفعول خبر المبتدأ, قال عياض: له معنيان، أحدهما: إن نفس مناقشة الحساب وعرض الذنوب والتوقيف على قبيح ما سلف والتوبيخ تعذيب، والثاني: إنه يفضي إلى استحقاق العذاب؛ إذ لا حسنة للعبد إلّا من عند الله لإقداره عليها وتفضيله عليه بها وهدايته لها؛ ولأن الخالص لوجهه قليل، ويؤيد هذا الثاني قوله في الرواية الأخرى: هلك.
وقال النووي: التأويل الثاني هوالصحيح؛ لأن التقصير غالب على الناس، فمن استقصى عليه ولم يسامح هلك,. وبقية الحديث، قالت: أي عائشة، قلت: أليس يقول الله: {فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا} ، قال: "ذلك العرض".
"وروى البزار عن أنس بن مالك, عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "يخرج" أي: يؤتى "لابن آدم يوم القيامة ثلاثة دواوين, ديوان فيه العمل الصالح" الذي عمله في الدنيا, "وديوان فيه ذنوبه،