كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
الحاكم والبيهقي في البعث, كلاهما عن عبَّاد بن أبي شيبة الحبطي، عن سعيد بن أنس عنه، وقال الحاكم: صحيح الإسناد. كذا قال.
وقد نقل: لو أنَّ رجلًا له ثواب سبعين نبيًّا، وله خصم بنصف دانق, لم يدخل الجنَّة حتى يرْضى خصمه. وقيل: يؤخذ بدانق سبعمائة صلاة مقبولة فتعطى للخصم. ذكره القشيري في التحبير.
ثم بعد انقضاء الحساب يكون وزن الأعمال؛ لأنَّ الوزن للجزاء, فينبغي أن يكون بعد المحاسبة, فإن المحاسبة لتقدير الأعمال, والوزن لإظهار مقاديرها؛ ليكون الجزاء بحسبها.
__________
إن الله -عز وجل- قد عفا عنكم، فيقوم الناس, فيتعلّق بعضهم ببعض في ظلامات، فينادي منادٍ: يا أهل التوحيد, ليعفو بعضكم عن بعض وعليَّ الثواب".
قال الغزالي: هذا محمول على من تاب من الظلم ولم يعد إليه, وهم الأوَّابون في قوله تعالى: {فَإِنَّهُ كَانَ لِلْأَوَّابِينَ غَفُورًا} [الإسراء: 35] .
قال القرطبي: وهذا تأويل حسن، قال: أو يكون فيمن له خبيئة, من عمل صالحًا يغفر الله له به, ويرضي خصماءه, ولو كان عامًّا في جميع الناس ما دخل أحد النار.
"رواه الحاكم والبيهقي في البعث, كلاهما" وكذا رواه أبو يعلى وسعيد بن منصور, كلهم "عن عبَّاد بن أبي شيبة الحبطي" بفتح المهملة والموحَّدة, نسبة إلى الحبطات, بطن من تميم "عن سعيد بن أنس، عنه" أي: عن أبيه أنس بن مالك, "وقال الحاكم: صحيح الإسناد، كذا قال: "تبرأ منه لقول الذهبي: عباد ضعفوه, وشيخه سعيد لا يعرف, فأنى له الصحة. انتهى.
ونزاعه إنما هو في الصحة, وإلّا فله شواهد ترفعه إلى درجة الحسن، منها حديث أنس, وإسناده حسن, وحديث أم هانيء السابقان.
"وقد نقل: لو أنَّ رجلًا له ثواب سبعين نبيًّا, وله خصم بنصف دانق, لم يدخل الجنة حتى يرضى خصمه" هذا إن صحَّ لا يعارض ذلك؛ لأنَّ الله إذا أراد أرضى خصمه عنه وجازاه، فصدق أنه أرضى خصمه, فليس فيه تقوية لتضعيف الحديث، كما أومأ له المصنف, "وقيل: يؤخذ بدانق سبعمائة صلاة مقبولة فتعطى للخصم، ذكره القشيري" أبو القاسم "في التحبير".
وهذا أيضًا لا يعارض؛ لأنها إذا أخذت وقد عفا الله أدخله الجنة برحمته، وقوله: "ثم بعد انقضاء الحساب يكون وزن الأعمال؛ لأن الوزن للجزاء، فينبغي أن يكون بعد المحاسبة، فإن المحاسبة لتقدير الأعمال, والوزن لإظهار مقاديرها، ليكون الجزاء بحسبها" نقله في