كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وقد ذكر الله تعالى الميزان في كتابه بلفظ الجمع، وجاءت السنة بلفظ الإفراد والجمع، فقيل: إن صورة الإفراد محمولة على أنَّ المراد الجنس، جمعًا بين الكلامين، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون تعددها بتعدد الأعمال، فيكون هناك موازين للعامل الواحد، يوزن بكل ميزان منها صنف من أعماله، ذهبت طائفة إلى أنها ميزان واحد يوزن بها للجميع، وإنما ورد في الآية بصيغة الجمع للتفخيم، وليس المراد حقيقة العدد، وهو نظير قوله: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ}
__________
التذكرة عن العلماء، وقال: أفاد بهذا تقديم الحساب على الميزان، وأن المراد بالحساب السؤال، ولهذا لا ميزان لمن يدخل الجنة بغير حساب ولا للكفار، وإنما للميزان للمخلصين من المؤمنين.
قال السيوطي: ومن ثَمَّ بُدِئَ بإلقاء الكفار في النار، قال: ولم يتعرَّض القرطبي للميزان والصراط أيهما قبل، لكن صنيعه وصنيع البيهقي يدلان على أن الميزان قبل؛ لأنهما ذكرا أبواب الميزان قبل الصراط، ووقع في كلام القرطبي نقلًا عن بعضهم استطرادًا ما يقتضي أنَّ الحساب قبل الصراط، وفي أثر أيفع الكلاعي ما يقتضي أنَّ الحساب على قناطر الصراط. انتهى.
"وقد ذكر الله تعالى الميزان في كتابه بلفظ الجمع": {وَنَضَعُ الْمَوَازِينَ الْقِسْطَ} {فَمَنْ ثَقُلَتْ مَوَازِينُه} [المؤمنون: 102] وأما قوله تعالى: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا وَوَضَعَ الْمِيزَان} ، فالمراد: النهي عن عدم تحرير الوزن في معاملات الدنيا, والأمر بإقامة العدل فيما بينهم, "وجاءت السنة بلفظ الإفراد"؛ كقوله -صلى الله عليه وسلم: "خلق الله كفتي الميزان مثل السماء والأرض".
رواه ابن مردويه, وقوله -صلى الله عليه وسلم: "يوضع الميزان يوم القيامة, فلو وضعت فيه السماوات والأرض لوسعت"....... الحديث.
رواه الحاكم "والجمع" كقوله -صلى الله عليه وسلم: "توضع الموازين"، وكحديث حذيفة: صاحب الموازين يوم القيامة جبريل، رواه ابن جرير, "فقيل" في وجه الجمع بينهما: "إن صورة الإفراد محمولة على أنَّ المراد الجنس" الصادق بالمتعدد "جمعًا بين الكلامين، وقال بعضهم: يحتمل أن يكون تعددها بتعدد الأعمال, فيكون هناك موازين للعامل الواحد, يوزن بكل واحد منها صنف من أعماله, كما قال الشاعر:
ملك تقوم الحادثات لأجله ... فلكل حادثة لها ميزان
"وذهبت طائفة" وهم الأكثرون "إلى أنها ميزان واحد يوزن بها للجميع، وإنما ورد في الآية بصيغة الجمع للتفخيم, وليس المراد حقيقة العدد" أي: الجمع الذي أقلّه ثلاثة, "وهو نظير قوله تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ} [الشعراء: 105] والمراد رسول واحد،" وهو نوح

الصفحة 356