كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

الحسنات، ويدل لما قاله قوله: "بلى إن لك عندنا حسنة" , ولم يقل لك عندنا إيمانًا. وقد سئل -صلى الله عليه وسلم- عن لا إله إلا الله، أمِنَ الحسنات هي؟ فقال: "من أعظم الحسنات" أخرجه البيهقي وغيره. ويجوز -كما قاله القرطبي في التذكرة: أن تكون هذه الكلمة هي آخر كلامه في الدنيا، كما في حديث معاذ: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة".
وفي "التحبير" للقشيري: قيل لبعضهم في المنام: ما فعل الله بك؟ قال: وزنت حسناتي فرجحت السيئات على الحسنات، فسقطت صرة في كفة الحسنات فرجحت، فحلت الصرة فإذا فيها، كفّ تراب ألقيته في قبر مسلم.
__________
لك عندنا حسنة" ولم يقل: لك عندنا إيمانًا، وقد سئل -عليه السلام- عن لا إله إلّا الله, أَمِنَ الحسنات هي، فقال: "من أعظم الحسنات".
"أخرجه البيهقي وغيره" قال القرطبي: وتوزن أعمال الجن كما توزن أعمال الإنس, "ويجوز كما قاله القرطبي في التذكرة: أن تكون هذه الكلمة هي آخر كلامه في الدنيا كما في حديث معاذ" بن جبل عند أحمد وأبي داود والحاكم، وصحَّحه قال: "قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "من كان آخر كلامه" في الدنيا، قال أبو البقاء: آخر بالرفع اسم كان, و "لا إله إلا الله" في موضع نصب خبر, ويجوز عكسه. انتهى.
فإن قيل: أهل الكتاب ينطقون بكلمة التوحيد, فلم لم يذكر قرينتها، أجاب الطيبي بأن قرينتها صدورها عن صدر الرسالة، قال الكشاف في: {إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ} لما علم وشهر أن الإيمان بالله قرينته الإيمان بالرسول لاشتمال كلمة الشهادة عليهما مزدوجين, كأنهما واحد غير منفك, أحدهما عن صاحبه, انطوى تحت ذكر الإيمان بالله الإيمان برسوله, "دخل الجنة" , وذهب حرصه ورغبته وسكنت أخلاقه السيئة وذلَّ وانقاد لربه، فاستوى ظاهره بباطنه، فغفر له بهذه الشهادة لصدقها، وقائلها في الصحة قلبه مشحون بالشهوات والمنى, ونفسه شرهة بطرة ميتة على الدنيا عشقًا وحرصًا، فلا يستوجب المغفرة بها إلّا بعد رياضة نفسه وموت شهواته, وصفاته عن التخليط.
"وفي التحبير للقشيري، قيل لبعضهم في المنام: ما فعل الله بك؟ قال: وزنت حسناتي" وسيئاتي, "فرجحت السيئات على الحسنات، فسقطت صرة في كفة الحسنات, فرجحت" الحسنات, "فحلت الصرة، فإذا فيها كفّ تراب ألقيته في قبر مسلم" بحسن نية

الصفحة 359