كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)
وفي حديث المغيرة عند الترمذي: "شعار المؤمنين على الصراط: ربِّ سلّم سلّم". ولا يلزم من كون هذا الكلام شعار المؤمنين أن ينطقوا به، بل تنطق به الرسل، يدعون للمؤمنين بالسلامة، فيسمَّى ذلك شعارًا لهم.
وفي حديث ابن مسعود: فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم، يسعى بين أيديهم، الحديث، وفيه: فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرفة العين، ومنهم من يمر كالبرق، ومنهم من يمر كالسحاب, ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب، ومنهم من يمر كالريح، ومنهم من يمر كشد الفرس، ومنهم من يمر كشد الرجل, حتى يمر الرجل الذي يعطى نوره على ظهر
__________
ينجو", على أن هذا كله إنما أخذه ابن أبي جمرة من حديث أبي سعيد، كما ذكره المصنف في شرح البخاري، فقال: ويؤخذ منه كما في بهجة النفوس أنَّ المارّين على الصراط ثلاثة أصناف، فذكرها.
"وفي حديث المغيرة" بن شعبة "عند الترمذي" عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: "شعار المؤمنين على الصراط رب سلّم رب سلم" ولا يلزم من كون هذا الكلام شعار المؤمنين" أي: علامتهم التي يعرفون بها "أن ينطقوا به", فلا يخالف قوله: "ولا يتكلم يومئذ إلّا الرسل" , "بل تنطق به الرسل يدعون للمؤمنين بالسلامة، فيسمَّى ذلك شعارًا لهم" باعتبار دعاء الرسل لهم به، وللطبراني عن ابن عمر ورفعه: "شعار أمتي إذا حملوا على الصراط: يا الله, لا إله إلا أنت" ولعلهم يتكلمون به في نفوسهم.
"وفي حديث ابن مسعود" في قوله تعالى: {يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [الحديد: 12] ، قال: "يمرون على الصراط, فيعطيهم نورهم على قدر أعمالهم، فمنهم من يعطى نوره مثل الجبل العظيم يسعى بين أيديهم...." الحديث, ومنهم من نوره مثل النخلة، وأدناهم نورًا من نوره في إبهامه يتَّقد مرة ويطفأ أخرى "وفيه: "فيمرون على قدر نورهم، منهم من يمر كطرفة العين" بسكون الراء، أي: تحريكها, "ومنهم من يمر كالبرق" , وهو ما يلمع من السحاب، قيل: أي: شيء كمَرِّ البرق، قال -صلى الله عليه وسلم: "ألم تروا إلى البرق كيف يمر ويرجع في طرفة عين" كما في مسلم, "ومنهم من يمر كانقضاض الكوكب" سقوطه, "ومنهم من يمر كالريح, ومنهم من يمر كشد الفرس" عدوه وجريه, "ومنهم من يمر كشد الرجل" بالجيم على الصحيح المعروف المشهور، أي: سرعة جريه، ولبعض الرواة بحاء مهملة مفردة مفرد رحال، أي: كشد ذي الرحل.
قال عياض: وهما متقاربان في المعنى, وشدهما عدوهما البالغ وجريهما, "حتى يمر الرجل