كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

بعضنا: ندخلها جميعًا، ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله فقلت له: إنا اختلفنا في الورود، فقال جابر: يردونها جميعًا، فقلت: إنا اختلفنا في ذلك، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا: يدخلونها جميعًا، فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه وقال: صمتًا, إن لم أكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الورود والدخول لا يبقى بَرٌّ ولا فاجر إلّا دخلها, فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، حتى إن للنار أو قال: لجهنم ضجيجًا من بردهم, ثم ينجي الله الذين اتقوا ويذر الظالمين فيها جثيًّا" رواه أحمد والبيهقي بإسناد حسن.
وأخرج ابن الجوزي -كما ذكره القرطبي في التذكرة- رفعه: "الزالون عن الصراط كثير، وأكثر من يزل عنه النساء" قال: "وإذا صار الناس على طرفي الصراط نادى ملك من تحت العرش: يا فطرة الملك الجبار جوزوا على الصراط, وليقف كل عاصٍ منكم وظالم". فيا لها من ساعة ما أعظم خوفها، وأشد حرها، يتقدَّم فيها من كان في الدنيا ضعيفًا مهينًا، ويتأخَّر عنها من كان فيها عظيمًا.
__________
مؤمن "وقال بعضنا: ندخلها جميعًا, ثم ينجي الله الذين اتقوا" الشرك والكفر منها, "فلقيت جابر بن عبد الله، فقلت له: إنا اختلفنا في الورود, فقال جابر: يردونها جميعًا" المؤمن والكافر, "فقلت: إنا اختلفنا في ذلك، فقال بعضنا: لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا: ندخلها جميعًا" أعاد عليه السؤال ليعلم دليله؛ لأنه أجابه أولًا بدون دليل, فلمَّا فهم منه طلب الدليل؛ لأنه القاطع للنزاع، ذكره "فأهوى بإصبعيه إلى أذنيه وقال: صمتًا, إن لم أكن سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: "الورود الدخول، لا يبقي بر" متق, "ولا فاجر إلّا دخلها, فتكون على المؤمنين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم" نار الدنيا "حتى إن للنار، أو قال: لجهنم" شكَّ الراوي "ضجيجا" صياحًا قويًّا "من بردهم" الذي قام بهم وضجيجها حقيقي لا أنه من مجاز الحذف، أي: أهلها؛ لأنهم يودون بردها عليهم، وتقدَّم في الحديث: "تقول النار للمؤمن جز" والأصل الحقيقة, ولا داعية للتأويل، لا سيما المفسد للمعنى كما هنا, "ثم ينجي الله الذين اتقوا" الكفر بالإيمان "ويدر الظالمين" يترك الكافرين "فيها جثيًّا".
"رواه أحمد" والحاكم والبيهقي بإسناد حسن" وصححه الحاكم.
"وأخرج ابن الجوزي كما ذكره القرطبي في التذكرة، رفعه: "الزالون عن الصراط كثير, وأكثر من يزل عنه النساء" قال: "وإذا صار الناس على طرفي الصراط نادى مالك من تحت العرش: يا فطرة" خلقة "الملك" بكسر اللام "الجبار, جوزوا على الصراط, وليقف كل عاصٍ منكم وظالم" كافر، "فيا لها من ساعة ما أعظم" أكبر "خوفها وأشد حرها, يتقدَّم فيها من كان في الدنيا ضعيفًا مهينًا" بفتح فكسر, "ويتأخَّر عنها من كان فيها عظيمًا مكينًا" مرتفع

الصفحة 371