كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

مكينًا، ثم يؤذن لجميعهم بعد ذلك في الجواز على الصراط على قدر أعمالهم، فإذا عصف الصراط بأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- نادوا: وا محمداه وا محمداه، فيبادر -صلى الله عليه وسلم- من شدة إشفاقه عليهم، وجبريل آخذ بحجزته، فينادي -صلى الله عليه وسلم- رافعًا صوته: "رب أمتي أمتي، لا أسألك اليوم نفسي ولا فاطمة ابنتي"، والملائكة قيام عن يمين الصراط ويساره ينادون: رب سلم, وقد عظمت الأهوال واشتدت الأوجال، والعصاة يتساقطون عن اليمين والشمال، والزبانية يتلقونهم بالسلاسل والأغلال، وينادونهم: أما نهيتهم عن كسب الأوزار، أما أنذرتم كل الإنذار، أما جاءكم النبي المختار. ذكره ابن الجوزي في كتابه "روضة المشتاق".
وقد جاء في حديث أبي هريرة عنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "من أحسن الصدقة في الدنيا مَرَّ على الصراط" رواه أبو نعيم.
وفي الحديث: "من يكن المسجد بيته, ضَمِنَ الله له بالروح والرحمة والجواز
__________
القدر, "ثم يؤذن لجميعهم بعد ذلك في الجواز على الصراط على قدر أعمالهم، فإذا عصف الصراط" اشتدَّ وصعب أمره, "بأمة محمد -صلى الله عليه وسلم- نادوا: وا محمداه وا محمداه" مرتين, فيبادر -عليه الصلاة والسلام- من شدة إشفاقه" خوفه "عليهم, وجبريل آخذ بحجزته" بضم المهملة وإسكان الجيم- معقد الإزار, فينادي -صلى الله عليه وسلم- رافعًا صوته: "رب أمتي أمتي" مرتين, "لا أسأل اليوم نفسي ولا فاطمة ابنتي" والملائكة قيام عن يمين الصراط ويساره ينادون: رب سلِّم سلِّم" مرتين, "وقد عظمت الأهوال واشتدت الأوجال" جمع وجل -بجيم- الخوف, والعصاة يتساقطون عن اليمين والشمال, والزبانية" سموا بذلك من الزبن وهو الدفع؛ لدفعهم أهل النار فيها يتلقونهم بالسلاسل" ويسحبونهم بها, "والأغلال" في أعناقهم, تشتد فيها السلاسل, وينادونهم للتوبيخ: "اما نهيتم عن كسب الأوزار" الآثام, "أما أنذرتم كل الإنذار" البالغ البيّن, "أما جاءكم النبي المختار".
ذكره ابن الجوزي في كتابه روضة المشتاق" أحد تصانيفه الكثيرة جدًّا "وقد جاء في حديث أبي هريرة عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "من أحسن الصدقة" بأن حصلها من حِلٍّ وتصدَّق بها على مستحق في الدنيا, "جاز على الصراط" حال كونه مدلًا كما "رواه أبو نعيم" في الحلية, والأصبهاني في الترغيب، فسقط مدلًا من المصنف أو نساخه، قال الأصبهاني: أي: آمنًا غير خائف, والإدلال الانبساط والوثوق بما يأتي ويفعل.
"وفي الحديث" المرفوع: "من يكن المسجد بيته" بحيث يلزمه ويعظمه، ورفع المسجد ونصب بيته أَوْلَى من عكسه؛ لأن الغرض الحكم عن المسجد بأنه اتخذ بيتًا "ضمن".

الصفحة 372