كتاب شرح الزرقاني على المواهب اللدنية بالمنح المحمدية (اسم الجزء: 12)

وفي حديث الصور: إن المؤمنين إذا انتهوا إلى باب الجنة تشاوروا فيمن يستأذن لهم في الدخول، فيقصدون آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى ثم محمد -صلى الله عليه وسلم, كما فعلوا عند العرصات, عند استشفاعهم إلى الله -عز وجل في فصل القضاء؛ ليظهر شرف نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على سائر البشر كلهم في المواطن كلها.
وروى أبو هريرة مرفوعًا: "أنا أول من يفتح له باب الجنة، إلّا أن امرأة تبادرني فأقول لها: مالك؟ أو ما أنت؟ فتقول: أنا امرأة قعدت على يتامى" رواه أبو
__________
"وفي حديث الصور" إضافةً لأدنى ملابسة لذكره فيه, وهو حديث طويل نحو أربع ورقات, عن أبي هريرة مرفوعًا, وهو أول حديث في البدور وعزاه لجماعة، وقال: اختلف في تصحيحه وتضعيفه، فصحَّحه ابن العربي والقرطبي ومغلطاي, وضعَّفه البيهقي وعبد الحق, وصوبهما الحافظ ابن حجر, "إن المؤمنين إذا انتهوا إلى باب الجنة تشاوروا فيمن يستأذن لهم في الدخول" ولفظه: "فإذا أفضى أهل الجنة إلى الجنة قالوا: من يشفع لنا إلى ربنا فندخل الجنة، فيقولون: من أحق من أبيكم آدم" , "فيقصدون آدم ثم نوحًا ثم إبراهيم ثم موسى ثم عيسى, وكلٌّ يقول: ما أنا بصاحب ذلك وذكر ذنبًا" , "إلّا عيسى فيقول: ما أنا بصاحبكم, ولكن عليكم بمحمد -صلى الله عليه وسلم" , "ثم محمدًا" قال "صلى الله عليه وسلم: "فيأتوني, فأنطلق فآتي الجنة، فآخذ بحلقة الباب, ثم استفتح فيفتح لي، فأحيي ويرحب بي، فإذا دخلت الجنة فنظرت إلى ربي خررت ساجدًا، فيأذن الله لي في حمده وتمجيده بشيء ما أذن به لأحد من خلقه، ثم يقول: ارفع رأسك, واشفع تشفع, وسل تعطه، فإذا رفعت رأسي، قال الله وهو أعلم: ما شأنك؟ فأقول: يا رب وعدتني الشفاعة, فشفعني في أهل الجنة يدخلون الجنة, فيقول: قد شفعتك فيهم وأذنت لهم في دخول الجنة" , "كما فعلوا عند العرصات عند استشفاعهم إلى الله -عز وجل- في فصل القضاء" وهي مذكورة قبل ذلك في نفس هذا الحديث بلفظ: "فيأتون آدم فيطلبون ذلك إليه، فيأبى ويقول: ما أنا بصاحب ذلك, فيأتون الأنبياء نبيًّا نبيًّا, كلما جاءوا نبيًّا يأبى عليهم حتى يأتوني, فأنطلق معهم حتى الفحص قدام العرش، فأخِرّ ساجدًا, حتى يبعث الله ملكًا فيأخذ بعضدي، فيقول لي: يا محمد فأقول: نعم يا رب, فيقول: ما شأنك؟ وهو أعلم، فأقول: يا رب, وعدتني الشفاعة فشفعني في خلقك, فاقض بينهم, فيقول: قد شفعتك, آتيكم فأقضي بينكم" , "ليظهر شرف نبينا -صلى الله عليه وسلم- على سائر البشر كلهم في المواطن كلها".
وروى أبو هريرة مرفوعًا أي: قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "أنا أوّل من يفتح له باب الجنة" أي: لا يتقدم على أحد في فتحه "إلّا أن امرأة تبادرني" تسابقني, "فأقول لها: ما لك؟ أو ما أنت" شكَّ الراوي, وعبَّر بما لأنه سؤال عن الصفة، أي: ما الصفة التي أوجبت لك أن تبادريني.

الصفحة 380